كتاب نهاية التقرير على ما ببالي ، وهي : أنّ قصد القربة مع كونه ملاكا لعباديّة العبادات لم يذكر اعتباره في الآية والرواية ، إنّما ذكر في الروايات ما هو مضادّ لقصد القربة ، وحكم ببطلان ما اقترن مع أحد الأضداد كالرياء ـ مثلا ـ كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: «أنا خير شريك ، من أشرك معي غيري في عمل لم أقبله إلّا ما كان لي خالصا» (١).
وإذا كان الأمر كذلك فنقول : إنّه لا شكّ في عدم تفاوت الصلاة المقرونة بالرياء مع الصلاة المقرونة بقصد القربة من حيث صورة العمل ، والفرق بينهما في الأمر القلبي الذي عبّرنا عنه بالداعي.
وبالنتيجة إن كان إتيان الصلاة بقصد عنوان العباديّة فلا محالة تقع بقصد القربة ، وإن كان فاقدا لقصد العنوان فلا محالة تقع رياء ، فيكون بين قصد القربة وقصد العنوان ملازمة من حيث الوجود ، وإن كان الظاهر من اعتبار الأمرين في كلام الفقهاء عدم الملازمة ، ولكن نحن نرى تحقّق الملازمة بينهما خارجا بالوجدان.
ولكن نشكل على كلام المحقّق الحائري قدسسره من جهة اخرى ، وهي : أنّ هذا ليس جوابا عمّا ذهب إليه المحقّق الخراساني قدسسره ، فإنّه بعد القول بالاستحالة بالغير يبتنى كلامه على أمرين : أحدهما : أنّ قوام العباديّة وامتياز الواجب التعبّدي عن التوصّلي بسبب قصد القربة ، كما قال به المشهور. وثانيهما : أن يكون قصد القربة بمعنى قصد الأمر وداعويّة الأمر.
وصرّح في ذيل كلامه بأنّه إن كان قصد القربة بمعنى إتيان العمل بداعي المحبوبيّة أو بداعي كونه ذا مصلحة أو بداعي كونه حسنا فلا مانع من كونه
__________________
(١) الكافي ٢ : ٢٩٥ ، الحديث ٩.