الشكّ في التعبّديّة والتوصّليّة ، وهكذا اتّفاقهم في باب الأقلّ والأكثر الارتباطيّين في الحكم بالاشتغال ورعاية الأجزاء والشرائط.
ففيه : أوّلا : إنّا نرى تبيين الشارع لسائر الأجزاء والشرائط مثل قوله : «لا صلاة إلّا بطهور» و «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» ، وهكذا ، فما الفارق بينها وبين قصد القربة؟ الذي أوجب استحالة بيان الشارع في قصد القربة بخلاف سائر الأجزاء والشرائط ، مع أنّ حكم العقل في الجميع سواء.
وثانيا : أنّ نتيجة اتّفاق العقول في الحكم عدم الاحتياج إلى بيان الشارع لا الاستحالة ، فهذا الدليل لا ينطبق مع المدّعى ، أي ادّعاء عدم إمكان أخذ قصد القربة في المتعلّق ، لا من طريق أمر واحد ولا من طريق أمرين ، مع أنّا نرى بيان عدّة من الأحكام التحريميّة والوجوبيّة من ناحية الشارع في موارد حكم العقل بقبحها أو حسنها ، مثل : «الظلم قبيح» و «الإحسان حسن» ، بل الملازمة بين حكم العقل والشرع ، وقاعدة «كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع» أقوى دليل على عدم صحّة القول بعدم الاحتياج إلى بيان الشارع في مورد حكم العقل.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قدسسره (١) بعد القول باستحالة أخذ قصد القربة في المتعلّق قال : هذا كلّه إذا كان التقرّب المعتبر في العبادة بمعنى قصد الامتثال ، وأمّا إذا كان بمعنى الإتيان بالفعل بداعي حسنه أو كونه ذا مصلحة أو له تعالى ، فاعتباره في متعلّق الأمر وإن كان بمكان من الإمكان إلّا أنّه غير معتبر فيه قطعا ؛ لكفاية الاقتصار على قصد الامتثال الذي عرفت عدم إمكان أخذه فيه.
ويمكن أن يتوهّم في بادئ النظر أنّه ليس للدليل ـ أي لكفاية الاقتصار ـ
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١١٢.