دلالة على المدّعى ـ أي أنّه غير معتبر فيه قطعا ـ بل كما يكفي قصد القربة بمعنى قصد الامتثال كذلك يكفي بمعنى إحدى الامور الثلاثة المذكورة.
ولبعض المحشّين بيان لتوضيح ذلك ؛ بأنّ كلّ واحد من الامور المذكورة إمّا يعتبر تعيينيّا أو يعتبر تخييريّا بينه وبين قصد الامتثال ، والأوّل باطل قطعا ؛ لكفاية الاقتصار على قصد الامتثال في مقام العمل بلا خلاف ، والثاني باطل أيضا ؛ إذ التخيير إن كان متحقّقا هاهنا فلا بدّ من كونه تخييريا شرعيّا ، وهو ما كان جميع أطراف التخيير قابلا لتعلّق الأمر بها ، فلا معنى للتخيير الشرعي بعد إثبات استحالة أخذ قصد القربة بمعنى قصد الامتثال في المتعلّق.
ولا يخفى أنّ التفصيل المذكور بين قصد القربة بمعنى قصد الأمر وبإحدى المعاني الثلاثة ليس بصحيح ، بل يرد على قصد القربة بهذه المعاني مثل ما ورد عليه بمعنى قصد الأمر.
توضيح ذلك : أنّك قلت : لو كانت الصلاة المقيّدة بداعي الأمر متعلّقة للأمر لا يكون المكلّف قادرا على إتيان الصلاة بداعي الأمر ، فإنّ ذات الصلاة ليست مأمورا بها.
قلنا : إنّ هذا الإيراد بعينه يجري في هذه المعاني ؛ بأنّه لو كانت الصلاة المقيّدة بداعي الحسن ـ مثلا ـ متعلّقة للأمر لما كان المكلّف قادرا على الامتثال ، فإنّ ذات الصلاة لا تكون حسنا فكيف يمكن له إتيان الصلاة بداعي الحسن؟! وهكذا في صورة كون الصلاة المقيّدة بكونها ذات مصلحة أو بكونها لله تعالى متعلّقة للأمر.
وأمّا قولك : إن اخذ قصد الأمر في المتعلّق بعنوان الجزئيّة يلزم أن يكون الأمر داعيا إلى داعويّة نفسه ، وهذا غير معقول.