الإرادة المستتبعة للبعث من الأمر لا تترشّح إلى المقدّمة مطلقا ، موصلة كانت أم لا ؛ لعدم الملاك فيها ، ولا على المقيّدة بالإيصال ؛ لاستلزامه الدور المقرّر في محلّه ، ولكنّها لا تنطبق إلّا على المقدّمة الموصلة وكالعلل التكوينيّة ، فإنّ تأثيرها ليس في الماهيّة المطلقة ولا المقيّدة بقيد المتأثّر من قبلها فإنّها ممتنعة ، بل في الماهيّة التي لا تنطبق إلّا على المقيّد بهذا القيد ، كالنار فإنّ معلولها ليست الحرارة المطلقة ، سواء كانت مولّدة عنها أم لا ، ولا المقيّدة بكونها من علّته التي هي النار ، ولكنّها لا تؤثّر إلّا في المعلول المنطبق المخصوص.
إذا تمهّدت هذه المقدّمات فنقول : إنّ المأمور به ليس إلّا نفس الطبيعة القابلة للتكثّر بحكم المقدّمة الاولى ، كما أنّ المبعوث إليه ليست الصلاة المطلقة ، سواء كانت مبعوثا إليها بهذا الأمر أم بغيره ، ولا المقيّد بكونها مأمورا بأمرها المتعلّق بها ، بل ما لا ينطبق إلّا على الأخير لا بنحو الاشتراط ، بل له ضيق ذاتي لا يبعث إلّا نحو المأمور بها ، كما في العلل التكوينيّة.
وبعبارة أوضح : أنّ الأوامر تحرّك المكلّف نحو الطبيعة التي لا تنطبق لبّا إلّا على المقيّدة بتحريكها ، فإذا أتى المكلّف بها من غير دعوة الآمر لا يكون آتيا بالمأمور به ؛ لأنّه لا ينطبق إلّا على المقيّد بدعوة الأمر ، فمقتضى الأصل اللفظي هو كون الأوامر تعبّدية قربيّة. هذا تمام ما ذكره المحقّق الحائري قدسسره في أواخر عمره الشريف على ما نقله الإمام قدسسره وبه عدل عن كثير من مبانيه السابقة ، ورجع إلى الأصالة التعبّديّة بعد ما كان بانيا على جواز الأخذ في المتعلّق ، وأنّ الأصل في الأوامر كونها توصّليّة.
ولكن هذا الكلام مخدوش من جهات :
الاولى : أنّ ترتّب النتيجة المذكورة على المقدّمات المذكورة ليست صحيحة