عوارضه الذاتيّة ، وليس هو إلّا عبارة عن جامع محمولات المسائل الذي عرفت في المقدّمة الثانية : أنّ تمايز العلوم بتمايزه.
ثمّ يؤيّد ادّعاءه الثاني بقوله : ولذلك تراهم يقولون : إنّ الموضوع في الإلهيّات بالمعنى الأعمّ هو الوجود ، مع أنّ الوجود يصير محمولا في القضايا المعقودة ، ويكون جامعا بين المحمولات لا الموضوعات (١). هذا تمام كلامه.
ويرد عليه إشكالات متعدّدة :
أحدها : في نتيجة المقدّمة الاولى وانحصار المسألة في الموضوع والمحمول ، وأنّ النسبة معنى آلي توجد في جميع القضايا بنحو واحد ، مع أنّا نسلّم أنّ قوام المسألة بالموضوع والمحمول ، ولكنّ الأصل في تحقّق المسألة إيجاد الارتباط بينهما ، والنسبة مجهولة عند المخاطب ، والمتكلّم بصدد إثباتها له ، ومعلوم أنّ المعاني الحرفيّة مقصودة بالتفهيم والإفهام وكلّ المسائل تدور مدارها ، فكيف تكون النسب في جميع القضايا بنحو واحد مع أنّ قضيّة «الله تعالى موجود» وقضيّة «زيد قائم» بينهما بون بعيد؟!
وثانيها : على المقدّمة الثانية بأنّه لا تكون محمولات المسائل في جميع العلوم أمرا واحدا كما في الفلسفة ، بل يكون بالعكس ، مثل : علم العرفان ، فإنّ الموضوع فيه وموضوعات مسائله عبارة عن الله تعالى ، فهل يمكن أن يقال هاهنا : إنّ تمايز كلّ مسألة منه بتمايز موضوعاته؟ وهل يتفاوت الله تعالى في مسألة مع مسألة اخرى؟ تعالى عن ذلك.
ثالثها : على التأييد الذي ذكره أخيرا ، بأنّ المشهور قائل بأنّ الموضوع في علم النحو هو الكلمة والكلام ، مع أنّهما جامع بين الموضوعات ولا ربط لهما
__________________
(١) نهاية الاصول ١ : ١٠ ـ ١٣.