بالمحمولات ، فإنّ كلّا من الفاعل والمفعول والمضاف إليه كلمة ، لا المرفوع والمنصوب والمجرور ؛ إذ الجامع هو كيفيّة آخر الكلمة. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ القضايا في العلم الإلهي تكون بصورة عكس الحمل ، وأنّ الأصل في قضيّة «الجسم موجود» عبارة عن «الموجود هو جسم» ، وإذا كان الأمر كذلك فيكون موضوع الفلسفة هو الجامع بين الموضوعات.
ويمكن أن يقال : إنّ الوجود ليس موضوعا في الفلسفة ، وهذا مبنيّ على أصالة الوجود ، بل الموضوع فيه عبارة عن الواقعيّة ، وتكون موضوعات المسائل مصاديقا لها ، وهي الجامع بينها ، وعلى هذا فالذي له واقعيّة خارجيّة هو الوجود عند من يقول بأصالته واعتباريّة الماهيّة ، أو الماهيّة عند من يقول بأصالتها واعتباريّة الوجود ، ولو كان الوجود فيه موضوعا يلزم أن يكون البحث فيه بناء على أصالة الماهيّة إمّا خارجا عن الفلسفة ، وإمّا يكون الموضوع عندهم أمرا اعتباريّا ، وكلاهما كما ترى.
والأصل في الإشكال أنّه لا شكّ في أنّ بحث التمايز لا يكون بحثا علميّا بحتا ، بل ضابطة لتمييز مسائل مشكوكة في العلوم ، مثلا : لا نعلم أنّ الاستصحاب مسألة اصوليّة لا يجوز التقليد فيها ، أو مسألة فقهيّة يجوز التقليد فيها ، وهذا البحث طريق لإحراز وضع المسائل المشكوكة ، فإن كان التمايز بالغرض فكلّ مسألة كان لها دخل في غرض أيّ علم تكون هذه من مسائله ، وإن لم يكن لها دخل في غرضه فليست من مسائله. ولا شكّ أيضا في أنّ المراد من جامع المحمولات لا يكون إلّا الجامع بين كلّ محمولات المسائل الذي يوجب التمايز بين العلوم.
إذا عرفت هذا فنقول : لو فرض لعلم النحو ـ مثلا ـ ألف مسألة معيّنة ومشخّصة وعشرة مسائل مشكوكة ، وأنت تقول : إنّ الجامع بين المحمولات