بلا برهان ؛ ضرورة أنّه بالعلم بالتكليف تصحّ المؤاخذة على المخالفة وعدم الخروج عن العهدة لو اتّفق عدم الخروج عنها بمجرّد الموافقة بلا قصد القربة.
وحاصل كلامه : أنّ الشكّ في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين يرجع إلى الشكّ في كمّيّة التكليف وثبوت أمر زائد فيه ، والعقل يحكم هاهنا بجريان أصالة البراءة. وأمّا الشكّ في ما نحن فيه فيرجع إلى الشكّ في كيفيّة الخروج عن عهدة التكليف ، وهو كالشكّ في أصل الخروج ، والعقل يحكم فيه بالاحتياط.
ولكنّ هذا الكلام مخدوش بأنّ البيان قد يكون بيانا لكلّ ما يمكن أخذه في المتعلّق من الأجزاء والشرائط ، وقد يكون بيانا لكلّ ما له دخل في حصول الغرض من المأمور به ، سواء كان قابلا للأخذ فيه أم لا ، وعبّرنا عن هذا البيان بالإطلاق المقامي ، وعلى هذا فنقول : هل المراد من كلمة «البيان» في قاعدة قبح العقاب بلا بيان التي كانت مستندة لجريان أصالة البراءة مطلق البيان أو بيان ما يمكن أخذه في المتعلّق؟ ونحن نستكشف من إضافة «لا» النافية إلى كلمة «البيان» أنّ المراد هو الأوّل ، وحينئذ لا فرق بين المقام ودوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين من حيث جريان أصالة البراءة ، بعد أنّ البيان ممكن للمولى في كلتا الصورتين ، إلّا أنّ الفرق في طريق البيان فلا دليل للتفكيك بين المقامين من هذه الناحية.
ويمكن أن يقال : إنّ ترتّب الغرض على تحقّق المأمور به كما أنّه كان منشأ لصدور الأمر وحدوثه كذلك كان منشأ لبقائه إلى حين حصول الغرض ، مثلا : إذا قال المولى لعبده : جئني بالماء ، والعبد بعد إعطاء الماء لاحظ أنّ غرضه يعني رفع العطش فلم يحصل بسبب انكسار ظرف الماء الذي بيده ، فالعقل يحكم