العالم ، فيكون إكرام كلّ فرد واجبا برأسه ، ولذا يمكن الامتثال والموافقة بالنسبة إلى بعض الأفراد والمخالفة بالنسبة إلى البعض الآخر. فإذا الامتثال فرع الطلب ، كما أنّ العقوبة فرع ترك المطلوب ، فلا يمكن الامتثالات مع وحدة الطلب ولا استحقاق عقوبة واحدة مع كثرته.
أضف إلى ذلك أنّ قياس ما نحن فيه على الواجب الكفائي قياس مع الفارق ؛ لأنّ البعث في الواجب الكفائي يتوجّه إلى عامّة المكلّفين بحيث يصير كلّ مكلّف مخاطبا بالحكم ، فهناك طلبات كثيرة وامتثالات عديدة ، لكن لو أتى به مكلّف واحد منهم يسقط التكليف عن الباقي ؛ لحصول الغرض وارتفاع الموضوع ، وإن تركوها رأسا لعوقبوا جميعا ، وإن أتاها الجميع دفعة فقد امتثلوا كافّة ؛ لكون كلّ فرد منهم محكوما بحكمه ومخاطبا ببعثه المختصّ ، بخلاف المقام.
وأضعف من ذلك ما نقل عن درس المحقّق الخراساني قدسسره ؛ إذ لا دخل للقصد وعدمه بدون العمل لا في أصل الامتثال ولا في تعدّده ووحدته.
فالحقّ أنّ تعدّد الامتثال ووحدته يدور مدار تعدّد التكليف ووحدته كما قال به الإمامقدسسره.
هذا في الأفراد العرضيّة ، وأمّا البحث في الأفراد الطولية فقد يكون غرض المكلّف من الإتيان بالفرد الثاني تبديل الامتثال ، وقد يكون غرضه منه تكميل الامتثال ليعدّ الإتيانان امتثالا واحدا.
وكان لصاحب الكفاية قدسسره (١) في هذه الصورة تفصيل ، وهو أنّه إذا كان امتثال الأمر علّة تامّة لحصول الغرض الأقصى بحيث يحصل بمجرّد الامتثال فلا يبقى معه مجال لإتيانه ثانيا بداعي امتثال آخر أو بداعي أن يكون الإتيانان امتثالا
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٢١ ـ ١٢٢.