إلى مغفرة موصوفة بأنّها من ربّكم ، ومعلوم أنّ النكرة الموصوفة ليست من الألفاظ الدالّة على العموم.
وإن فرضنا كون السبب مقدّرا وكان معناها : «واسرعوا إلى سبب المغفرة» فيكون سبب المغفرة نكرة مضافة ، وهي أيضا لا تكون من الألفاظ الدالّة على العموم ، وإن كانت هي أقرب إلى العموم.
ولو فرضنا دلالة النكرة مضافة إلى العموم بخلاف النكرة الموصوفة ، فهل تعامل مع مثل الآية معاملة النكرة المضافة ، أو تعامل معاملة النكرة الموصوفة؟ لعلّ الملاك فيه ما هو ظاهر اللفظ لا ما هو المقدّر.
ويؤيّد عدم دلالة الآية على العموم اختلاف المفسّرين في تفسير الآية ، بأنّ المقصود من المغفرة الصلوات اليوميّة عند بعض ، والدخول في الصفّ الأوّل من الجماعة عند بعض ، والسرعة في الاقتداء ـ أي في الصلوات ـ عند بعض ، والتوبة عند بعض ، والجهاد في سبيل الله عند بعض ، والإخلاص في العمل عند بعض ، ولم يقل أحد منهم بدلالتها على العموم ، وأنّها لا تنحصر بالمصاديق ، فإن لم تدلّ على العموم ينهدم أساس الاستدلال.
ومع قطع النظر عن الإشكالات وفرض دلالة كلتا الآيتين على العموم يرد عليه :
أوّلا : أنّه لا شكّ في كون المستحبّات كالواجبات خيرا ، وهكذا في سببيّتها للمغفرة ، بل تكون سببيّتها للمغفرة أولى من بعض الواجبات ، فلا يمكن خروج المستحبّات بحسب الدلالة اللفظيّة عن الآيتين ، فكيف يمكن الالتزام بوجوب الاستباق إليها مع أنّها من العناوين المستحبّة؟!
وثانيا : أنّ الفوريّة والاستباق في أكثر الواجبات أيضا ليس بواجب