مفادها الإجزاء أم لا؟
فمثلا : تكون في رواية صحيحة جملة : «أنّ التراب أحد الطهورين يكفيك عشر سنين» ، كأنّه يقول : لا تتوهّم أنّ تحقّق الطهارة منحصر بالماء ، بل التراب أيضا طهور في ظرف فقدان الماء ، كما أنّ الماء طهور في ظرف وجدانه ، ويستفاد من هذا اللحن خصوصا مع الدقّة في ذيل الجملة ـ أي يكفيك إلى عشر سنين ـ الإجزاء ، فيرجع البحث إلى مفاد دليل الأمر الاضطراري لا إلى العقل.
وهكذا في الأوامر الظاهريّة ، فلا بدّ لنا من ملاحظة سياق أدلّة حجّيّة الخبر والاستصحاب من أنّ مفادها تعيين وظيفة الشاكّ في ظرف الشكّ فقط وبعد انكشاف الواقع تجب الإعادة والقضاء أم لا ، فالبحث في هذا المقام متمحّض في أدلّة الأوامر الاضطراريّة والظاهريّة.
إذا عرفت هذا فالظاهر أنّه لا مانع من اجتماع المقامين المتضادّين في محلّ النزاع تحت العنوان والجامع الواحد ، وهو كما ذكره صاحب الكفاية قدسسره : أنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أم لا؟ ولكنّ المقصود منه حين البحث في المقام الأوّل أنّه هل يقتضي الإجزاء بالإضافة إلى أمره؟ وحين البحث في المقام الثاني أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري والظاهري هل يقتضي الإجزاء بالإضافة إلى الأمر الأوّلي الواقعي أم لا؟
ويمكن أن يتوهّم أنّه لا محلّ للبحث في المقام الأوّل ، فإنّ المخالف فيه لا يكون من يسمع كلامه ، وما هو أساس البحث والمهمّ في هذه المسألة عبارة عن المقام الثاني الذي هو بحث لفظي ، فهذا مؤيّد لما ذكره صاحب الفصول في عنوان المسألة.