بين المسألتين أصلا.
ولكنّه ليس بصحيح فإنّا نبحث في ما نحن فيه كما مرّ في المقامين ، فالبحث في المقام الأوّل بحث عقلي ، وأمّا البحث في المقام الثاني فهو بحث لفظي ، وقلنا : إنّ الأساس والعمدة في هذه المسألة هو البحث اللفظي.
والحقّ أنّ بين المسألتين فرقا ماهويّا ، فإنّ موضوع البحث في مسألة الإجزاء هو الإتيان بالمأمور به ، ومعلوم أنّه أمر وجودي ، وموضوع البحث في مسألة تبعيّة القضاء للأداء هو ترك المأمور به في وقته ، وهو أمر عدمي ، فيكون التفاوت بينهما تفاوت الوجود والعدم ، فإنّه إذا لم يأت بالمأمور به على وجهه ـ أي مع جميع الخصوصيّات ، ومنها الإتيان في الوقت ـ فتصل بعد ذلك النوبة إلى مسألة تبعيّة القضاء للأداء وعدمها.
وأضاف استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) مقدّمة تهدينا إلى اختيار ما هو الحقّ في أصل المسألة ، وهي أنّ الظاهر من كلمات المتأخّرين كما يستفاد من الكفاية أنّ الأوامر على ثلاثة أقسام : الأوّل : الأوامر الواقعيّة الاختياريّة ، الثاني : الأوامر الاضطراريّة ، الثالث : الأوامر الظاهريّة ، مع أنّ التحقيق بعد ملاحظة أدلّة الأحكام من الآيات والروايات أنّه ليس هنا إلّا أمر واحد تعلّق بطبيعة المأمور به يشترك فيه جميع المكلّفين ، والاختلاف في الخصوصيّات والحالات ؛ إذ الشارع أمر بإتيانها بكيفيّة في حال الاختيار ، وبكيفيّة اخرى في حال الاضطرار أو الشكّ ، مع أنّ المأمور به في الجميع طبيعة واحدة.
وعلى هذا يكون قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ـ مثلا ـ خطابا عامّا إلى كلّ مكلّف متضمّنا للأمر بإقامة الصلاة ، والاختلاف في فاقد الماء وواجده وفي
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ١٨٠ ـ ١٨١.