قال به صاحب الكفاية قدسسره (١) ـ فلا فرق بين أن يكون الغرض علميّا أو عمليّا كما أشرنا إليه سابقا ، فإنّ ترتّب الغرض خارجا هو العلّة الغائيّة لها. وأمّا في مقام البعث إلى التدوين ووجوده الذهني فلا يتفاوت بين كونه علميّا أو عمليّا ، ولكليهما وجود ذهني باعث إلى التدوين بلا تفاوت وبلا إشكال.
ومنها : قوله : «فلو لم يكن ذلك ملاك تمايز هذه العلوم بعضها عن بعض في مرحلة التدوين بل كان هو الموضوع لكان اللازم على المدوّن أن يدوّن كلّ باب ، بل كلّ مسألة علما مستقلّا» ففيه : أنّه قد تبيّن أنّ هذا الإشكال لا يرد على المشهور ، فإنّهم قائلون بأنّ موضوعا واحدا من كلّ علم يوجب تمايزه عن علوم اخرى ، لا أنّ موضوع كلّ مسألة من العلم يوجب تمايزه عن علوم اخرى ، وهذا التالي الفاسد لا يترتّب على هذا التفسير. وأمّا التفسير الذي تخيّله صاحب الكفاية وتبعه بعض الأعلام ويترتّب عليه هذا التالي الفاسد فلم يقل به أحد فضلا عن المشهور.
ومنها : ما في قوله : «إذا لم يكن للعلم غرض خارجي ...» فامتيازه إمّا بالذات أو بالموضوع أو بالمحمول ، فإنّا نقول : ما معنى التمايز بالذات هل المراد منه السنخيّة التي ذكرها الإمام ـ دام ظلّه ـ ، أو المراد منه التمايز بالحقيقة؟ فإن كان المراد هو الأوّل فلم لا يستفاد منه في مقام التعليم والتعلّم ، وإن كان المراد هو الثاني قلنا : هذا مردود بقولك : إنّ حقيقة كلّ علم حقيقة اعتباريّة ، وليست وحدتها وحدة بالحقيقة والذات ليكون تمييزه عن غيره بمتباين الذات.
وكيف كان ، أنت ذكرت المثالين وقلت : التمايز فيهما إمّا بالذات وإمّا بالموضوع ، وذكرت مثالا آخر للتمايز بالمحمول بدون بيان الضابطة والملاك لهذا
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٥.