ولا يتوهّم أنّ احتمال بقاء الشكّ متحقّق ، فلا بدّ قبل إجراء القاعدة من جريان استصحاب بقاء الشكّ إلى الأبد ، فإنّ هذا التوهّم يجري في الشكّ المتحقّق في مجرى الاستصحاب أيضا ، فالموضوع هو شيء شكّ في طهارته ونجاسته ، سواء كان الشكّ بحسب الواقع باقيا إلى الأبد أم لا.
الخصوصيّة الثالثة : أنّ المقصود من الطهارة في قاعدة الطهارة الظاهريّة ، فلا تعارض بين كلّ شيء طاهر ، ودليل النجاسة الواقعيّة «كلّ دم نجس وما يلاقيه فهو متنجّس» إذ يمكن الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي كما سيأتي إن شاء الله في محلّه.
الخصوصيّة الرابعة : أنّه لا شكّ في ترتّب الآثار المتعدّدة على الطهارة الواقعيّة كالأكل والشرب ، مثلا : يقول الشارع : يشترط في المأكول والمشروب أن يكون طاهرا ، وكالدخول في الصلاة بقوله : يشترط طهارة الثوب والبدن للمصلّي وأمثال ذلك ، وهل تترتّب هذه الآثار على الطهارة الظاهريّة التي جعلت تسهيلا وامتنانا على الامّة بمفاد قاعدة الطهارة أم لا؟ فلا بدّ لنا من القول بترتّب جميع الآثار المترتّبة على الطهارة الواقعيّة ، وإلّا فما الذي يترتّب عليها من الآثار والفائدة؟ وبناء على هذا يكون طريق الجمع بين مفاد دليل الطهارة الظاهريّة ـ أي يجوز لك الصلاة مع الثوب والبدن المشكوك الطهارة ـ وبين دليل شرطيّة الطهارة الواقعيّة ـ أي يشترط في الصلاة طهارة الثوب والبدن بحسب الواقع ـ بالتبيين والتفسير ؛ بأنّ الأدلّة المذكورة في نفسها وإن كانت ظاهرة في الطهارة الواقعيّة إلّا أنّ دليل القاعدة يكون حاكما عليها ، ويدلّ على أنّه ليس مراد الشارع منها الطهارة الواقعيّة ، بل هو أعمّ منها ومن الطهارة الظاهريّة ، فما صلّينا كذلك يكون واجدا للشرط وإن كان الثوب