الأوّل : أنّ هذا التعريف لا يشمل جميع المسائل الاصوليّة ، مثل مسألة حجّيّة الظنّ على الحكومة.
توضيحه : أنّه قد بيّن في محلّه أنّهم أقاموا أدلّة لحجّيّة مطلق الظنّ ، منها دليل الانسداد ، وكانت له مقدّمات : منها : عبارة عن انسداد باب العلم والعلمي ، وهي علّة لتسميته بدليل الانسداد. وعلى فرض تماميّة مقدماته فإنّهم بعد الاتّفاق على كونه دليلا عقليّا اختلفوا في نتيجة هذه المقدّمات ، فقال بعضهم : إنّ نتيجة دليل الانسداد حجّيّة الظنّ بنحو الكشف ، بمعنى : أنّ العقل بالنظر إلى المقدّمات يكشف أنّ الشارع في تلك الحالة جعل الظنّ حجّة ، فيكون الظنّ عنده حجّة شرعيّة.
وقال بعضهم : إنّ نتيجته حجّيّة الظنّ بنحو الحكومة ، بمعنى : أنّ العقل الذي يحكم بحجيّة القطع مطلقا بحيث لا تناله يد الجعل نفيا وإثباتا يحكم عند تماميّة هذه المقدّمات بحجيّة الظنّ أيضا ، فيكون الظنّ عنده حجّة عقليّة.
ولذا قال المحقّق الخراساني قدسسره (١) : إنّ التعريف المذكور لا يشمل حجّيّة الظنّ على الحكومة ، فإنّه حجّة عقليّة ، بخلاف حجيّته على الكشف ، فإنّه حينئذ تكون حجّة شرعيّة كسائر الحجج والأمارات الشرعيّة.
ويمكن أن يقال : كيف يشمل هذا التعريف حجّيّة القطع مع أنّه أيضا من الحجج العقليّة؟
واجيب عنه : بأنّ مرادهم من الاستنباط في التعريف الاستنباط القطعي ، ومعلوم أنّ استنباط الظنّ ليس بقطعي ، بخلاف القطع فإنّ استنباطه قطعي دائما.
__________________
(١) المصدر السابق.