إن قلت : لو كان مرادهم منه الاستنباط القطعي فكيف يجري هذا في موارد الأمارات الشرعيّة ؛ إذ لا شكّ في أنّ الاستنباط في مورد خبر الواحد مثلا ظنيّ؟
قلنا : إنّ المشهور قائل بأنّ الشارع جعل خبر الواحد حجّة ، وهي بمعنى جعله حكما ظاهريّا مطابقا لمؤدّى الخبر ، سواء كان مطابقا للواقع أم لا ، بخلاف القطع فإنّه ليس متعقّبا بالجعل وإن كان حجّة للقاطع أيضا ولو كان مخالفا للواقع.
وبالجملة ، إنّا نقطع بحكم ظاهري في موارد الأمارات الشرعيّة ، كما أنّا نقطع بالحكم الواقعي في مورد القطع ، وأمّا في مورد الظنّ الانسدادي على الحكومة لا يكون من القطع أثر ولا خبر ، مع أنّ مرادهم من الاستنباط الاستنباط القطعي ، ولذا لا يشمله التعريف.
وجوابه : أنّ هذا الإشكال مبتن على الاحتمال ، وهو مدفوع بأنّ مرادهم من الاستنباط أعمّ من الاستنباط القطعي والظّنّي ، فيشمل التعريف الظنّ الانسدادي على الحكومة أيضا.
وأمّا الإشكال الثاني على هذا التعريف فهو : أنّه لا يشمل الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة.
توضيحه : يتوقّف على مقدّمة ، وهي : أنّ الاصول العمليّة على قسمين : قسم منها يجري في الشبهات الموضوعيّة كالاستصحاب وأصالة الطهارة وأصالة الحلّيّة الجارية فيها ، والقسم الآخر منها يجري في الشبهات الحكميّة ، مثل : أصالة البراءة وأصالة الحلّيّة والاستصحاب الجاري فيها ، واختلفوا في أنّ مباحث الاصول العمليّة هل تكون من مسائل علم الاصول أو من مسائل