علم الفقه.
قال الشيخ الأنصاري (١) والمحقّق الخراساني (٢) وعدّة من الأعاظم : إنّه تارة يكون منشأ الشكّ فقدان النصّ ، وتارة يكون إجمال النصّ ، وتارة يكون تعارض النصّين ، وتارة يكون الاشتباه في الامور الخارجيّة. ثمّ فصّلوا بين هذه الأقسام الأربعة وقالوا : إن كان الشكّ من قبيل القسم الرابع ـ أي كانت الشبهة موضوعيّة ـ فهي خارجة عن مسائل علم الاصول ، وإن كان الشكّ من قبيل بقية الأقسام ـ أي كانت الشبهة حكميّة ـ فالاصول الجارية فيها من مسائل علم الاصول ، وعلى هذا المبنى استشكلوا على المشهور.
نكتة : في الفرق بين الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة والاصول العمليّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة ، وهي أنّ مجري الاصول في الشبهات الموضوعيّة هو نفس المقلّد والمكلّف وإن كان أصل الفتوى بالاستصحاب ـ مثلا ـ عن المجتهد ، ولكن المجري في مقام تطبيق هذا الكلّي في الشبهات الموضوعيّة هو المقلّد ، بخلاف الشبهات الحكميّة فإنّ مجري الاصول فيها لم يكن إلّا المجتهد.
والحاصل : أنّ الاصول العمليّة في الشبهات الحكميّة طريق لإحراز الحكم الشرعي ، بخلافها في الشبهات الموضوعيّة ، والتفصيل والتنقيح في محلّه.
فأوردوا على المشهور بعد تمهيد هذه المقدّمة بأنّ هذا التعريف لا يشمل الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة ، فإنّ كلمة «الاستنباط» التي ذكروها في التعريف مقتضاها كون المستنبط غير المستنبط منه ، مثل : أنّ القواعد تستنبط منها أحكام شرعيّة ، فلو دلّ خبر الواحد على وجوب صلاة
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٥٤٤ ـ ٥٤٦.
(٢) كفاية الاصول ١ : ٩ ـ ١٠.