وبين مبحث مفاد الأمر والنهي وكثير من مباحث العامّ والخاصّ التي يبحث فيها عن معنى الكلّ والألف واللام ، بل المفاهيم مطلقا ، حيث أخرج الطائفة الاولى وأدخل الثانية ، مع أنّ الجميع من باب واحد تحرز بها أوضاع اللّغة ، وتستنتج منها كيفيّة تعلّق الحكم بموضوعه ، مضافا إلى شموله للقواعد الفقهيّة أيضا ، فإنّه لم يذكر كلمة «الاستنباط» حتّى تخرجها منه. فهذا التعريف أيضا ليس بتامّ.
وقال بعض الأعلام في المقام على ما في كتاب المحاضرات (١) : «إنّه العلم بالقواعد التي تقع بنفسها في طريق استنباط الأحكام الشرعيّة الكلّيّة الإلهيّة من دون حاجة إلى ضميمة كبرى أو صغرى اصوليّة اخرى إليها».
أقول : يحتمل قويّا أن يكون ذكر كلمة صغرى في التعريف سهوا من المقرّر ، فإنّه في مقام توضيح هذا التعريف لا يكون في كلامه أثر ولا خبر من صغرى اصوليّة ، مع أنّا لا نجد في القواعد الاصوليّة صغرى اصوليّة أصلا.
ثمّ قال في مقام التوضيح ما ملخّصه : أنّ التعريف يرتكز على ركيزتين وتدور المسائل الاصوليّة مدارهما وجودا وعدما :
الركيزة الاولى : أن تكون استفادة الأحكام الشرعيّة الإلهيّة من المسألة من باب الاستنباط والتوسيط لا من باب التطبيق ـ أي تطبيق مضامينها بنفسها على مصاديقها ـ كتطبيق الطبيعي على أفراده.
والنكتة في اعتبار ذلك في تعريف علم الاصول هي الاحتراز عن القواعد الفقهيّة ، فإنّها قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعيّة الإلهيّة ، ولا يكون ذلك من باب الاستنباط والتوسيط ، بل من باب التطبيق ، وبذلك
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٨.