لخبر الواحد حكم كلّي آليّ بجعل الشارع وإن كان من طريق بناء العقلاء وإمضاء الشارع ، ولكن مع هذا لا يمكن القول بأنّ حجّيّة خبر الواحد أمر استقلالي ، بل الغرض من الحجّيّة ترتّب الأثر على خبر زرارة فقط ، وهكذا في دليل الاستصحاب ، والأمر هنا سهل.
وأمّا الظاهر من دليل أصالة الحلّيّة ـ مثل : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه» ـ وأصالة الطهارة ـ مثل : «كلّ شيء لك طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» ـ فإنّهما استقلاليّتان ، كقاعدة «كلّ ما يضمن» وعكسها ، فانتقض التعريف بهما.
ولكن قال الإمام ـ دام ظلّه ـ (١) : «وأمّا خروج بعض الاصول العمليّة فلا غرو فيه على فرضه ، منها : ذكر كلمة ـ يمكن ـ في التعريف ، وقال : إنّما قلنا : يمكن أن تقع ... لأنّ مناط الاصوليّة هو الإمكان لا الوقوع الفعلي ، فالبحث عن حجّيّة القياس والشهرة والإجماع المنقول ، وخبر الواحد عند من لم يقل بحجّيّته ـ مثل السيّد علم الهدى وابن إدريس ـ بحث اصولي لإمكان وقوعها في طريق الاستنباط.
ومنها : ذكر كلمة «الكبرى» فيه ؛ كي يخرج به مباحث سائر العلوم ، مثل : اللّغة والرجال والدراية ، كما تقدّم في كلام بعض الأعلام.
ومنها : عدم تقييد الأحكام بالعمليّة فيه ؛ لعدم عمليّة جميع الأحكام ، مثل الأحكام الوضعيّة وكثير من مباحث الطهارة وغيرها ؛ إذ «الدم نجس» لا يكون مورد العمل ، بل يحتاج إلى حكم آخر ، مثل : كلّ نجس يجب الاجتناب عنه.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ١٢.