زرارة حجّة لنا ولو لم يحصل منه الظنّ.
وثالثا : أنّ الغرض من التعريف إحراز الضابطة والمعيار للقواعد الاصوليّة ، ولا يخفى أنّا نحتاج إلى التعريف حينما كان لنا شيء مجهول ، فحينئذ تقييد التعريف بالكبرى الاصوليّة يوجب الدور ، فإنّ العلم بالتعريف ـ أي الضابطة ـ متوقّف على الكبرى الاصوليّة ؛ لأنّه جزء التعريف ، والعلم بالكبرى الاصوليّة متوقّف على التعريف ـ أي الضابطة ـ فإنّ المفروض أنّه مجهول عندنا ، وإلّا لا نحتاج إلى التعريف هاهنا.
وقال استاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ (١) في المقام : «هو القواعد الآليّة التي يمكن أن تقع كبرى استنتاج الأحكام الكلّيّة الفرعيّة الإلهيّة أو الوظيفة العمليّة».
وكان لهذا التعريف خصوصيّات : منها : ذكر كلمة الآليّة ، فتخرج بها القواعد الفقهيّة ؛ إذ المراد بها كونها آلة محضة ، ولا ينظر فيها بل ينظر بها فقط ، والقواعد الفقهيّة ينظر فيها ، فتكون استقلاليّة لا آليّة ؛ لأنّ قاعدة «ما يضمن» وعكسها مثلا حكم فرعي إلهي منظور فيها على فرض ثبوتها ، والبيع والإجارة وأمثال ذلك من أفراد هذه القاعدة ، وكذلك في سائر القواعد ، مثل : قاعدة «لا ضرر» و «لا حرج» و «لا غرر» ، فإنّها مقيّدات للأحكام ، مثل : «كتب عليكم الصيام» بنحو الحكومة ، فلا تكون آلة لمعرفة حال الأحكام.
وأمّا دليل الاستصحاب مثل : «لا تنقض اليقين بالشكّ» وإن كان ظاهره الاستقلاليّة بالنظر الابتدائي ـ مثل بقاء وجوب صلاة الجمعة ، فإنّ المنشأ فيه هو الرواية ـ ولكنّه في الواقع حكم آليّ غير استقلالي ، كما أنّ جعل الحجّيّة
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ١١.