العبادة ، وإلّا لاحتاج إلى بيان واضح ؛ فلا يصلح هذا الوجه للمانعيّة من الامتثال الإجمالي.
الأمر الخامس : ما ذكره المحقّق النائيني قدسسره (١) بتقريبين :
الأوّل : أنّ حقيقة الإطاعة عند العقل هو الانبعاث عن بعث المولى ، بحيث يكون الداعي والمحرّك له نحو العمل هو تعلّق الأمر وانطباق المأمور به عليه ، وهذا المعنى في الامتثال الإجمالي لا يتحقّق ، فإنّ الداعي له نحو العمل لكلّ واحد من فردي الترديد ليس إلّا احتمال تعلّق الأمر به ، فإنّه لا يعلم انطباق المأمور به عليه بالخصوص.
وجوابه : أوّلا : أنّ لازم هذا البيان عدم كفاية الامتثال الإجمالي حتّى في صورة عدم التمكّن من الامتثال التفصيلي ، مع أنّها خارجة عن محلّ النزاع.
وثانيا : أنّ الإطاعة عند العقل عبارة عن انطباق المأتي به على المأمور به مع جميع الخصوصيّات المعتبرة فيه ، والمفروض تحقّقه في الامتثال الإجمالي ، بعد ما ذكرناه من إمكان رعاية قصد القربة فيه.
وثالثا : أنّ البعث بوجوده الواقعي لا يكون مؤثّرا في الانبعاث بدون الارتباط بعلم المكلّف وجهله ، بل الانبعاث ناش عن العلم بالتكليف وتصوّر ما يترتّب على موافقته ومخالفته من المثوبة والعقوبة إلّا في بعض المكلّفين ، كما قال مولى الموحّدين أمير المؤمنين عليهالسلام : «ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنّتك ، بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك». (٢)
والعمل بالاحتياط ناش عن العلم بتكليف المولى ، وينبعث المكلّف عن
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٧٣.
(٢) البحار ٧٠ : ١٨٦ ، الحديث ٦٧.