والضدّين والمثلين ، بخلاف الشرع فإنّ تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة ونحو ذلك من الأعمال القبيحة يمتنع أن يصدر عن الحكيم على الإطلاق شرعا ، مع أنّها ممكنة تكوينا.
والتحقيق : أنّه لا يترتّب على البحث عن الإمكان وعدمه ثمرة عمليّة ، كما ذكر صاحب الكفاية قدسسره فلا نحتاج إليه ، والمهمّ هنا إبطال ما استدلّ به القائل بالامتناع ، فإن لم يكن صالحا لإثبات الاستحالة صارت الاستحالة مورد الشكّ والترديد ، فتصل النوبة إلى البحث في أنّه هل قام دليل قطعي على التعبّد بالأمارات الظنّية كلّها أو بعضها ، أو لا؟ وعلى فرض قيامه يدلّ بالمطابقة على حجّيّة الخبر الواحد ـ مثلا ـ وبالالتزام على إمكان التعبّد بالظنّ وقوعا.
فلا بدّ لنا من ملاحظة أدلّة القائلين بالاستحالة ، واستدلّ لها ابن قبة بوجهين :
الأوّل : أنّه لو جاز التعبّد بخبر الواحد في الإخبار عن النبيّ صلىاللهعليهوآله لجاز التعبّد به في الإخبار عن الله تعالى ، والتالي باطل إجماعا فالمقدّم مثله.
وعدم تعرّضه لأخبار الأئمّة عليهمالسلام واكتفائه بأخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله فقط لعلّه كان لكونه من علماء أهل السنّة ، والمراد من الخبر الواحد في الدليل هو ما كان متضمّنا لبيان الحكم الفرعي ، لا ما هو متضمّن لبيان المسائل الاعتقاديّة ؛ إذ لا أثر للظنّ فيها كما أشار إليه في قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(١) ، وهذا يرتبط بالاعتقادات وسياقه آب عن التخصيص.
ولكنّ التحقيق أنّ هذا الدليل ليس بتام ، فإنّ الإخبار عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ سواء كان مع الواسطة أو بلا واسطة ـ يكون عن حسّ ويقول المخبر في مقام
__________________
(١) يونس : ٣٦.