مطابقة الأمارة للحكم الواقعي ، أو الضدّين في صورة مخالفتها له ، حيث إنّ جعل الحجّيّة للأمارة يكون بمعنى جعل الحكم على طبقها.
وجوابه : أوّلا : أنّ التضادّ والتماثل كما عرفت لا يجري في الامور الاعتباريّة كالأحكام الخمسة التكليفيّة.
وثانيا : أنّه على فرض جريان التضادّ والتماثل فيها أيضا لا يتحقّق المحذور المذكور في المقام ، فإنّ جعل الحجّيّة لا يكون بمعنى جعل الحكم ، بل يكون بمعنى منجّزيّة الحكم في صورة الإصابة ، ومعذّريّة المكلّف في المخالفة في صورة الخطأ كما ذكرناه مرارا.
المحذور الثاني : ما يرتبط بلازم الخطاب ، وكلام ابن قبة ناظر إليه ، وهو أنّ التعبّد بالمظنّة مستلزم للإلقاء في المفسدة فيما إذا أدّت الأمارة إلى إباحة شيء ـ مثلا ـ وكان حراما في الواقع ، أو لتفويت المصلحة فيما إذا أدّت إلى إباحته وكان واجبا بحسب الواقع.
ولا يخفى أنّ تماميّة هذا الدليل يتوقّف على تحقّق أمرين :
الأوّل : أن تكون الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد كما قال به المعتزلة ، فعلى القول بعدم التبعيّة ـ كما هو المنسوب إلى الأشاعرة ـ لا تتحقّق هنا مصلحة أو مفسدة حتّى يلزم تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة.
الأمر الثاني : أن يكون المجعول في باب الأمارات محض الطريقيّة كما هو الحال في باب القطع ، ولازم ذلك تفويت المصلحة الواقعيّة وعدم جبرانها في صورة مخالفة الأمارة للواقع أحيانا.
أمّا على القول بإنكار أصل وجود المصلحة والمفسدة أو تغيير الواقع بقيام الأمارة وصيرورته على طبق الأمارة فلا يستلزم التعبّد بالمظنّة تفويت