المصلحة والإلقاء في المفسدة ، كما إذا قلنا بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد ، إلّا أنّ السلوك على طبق الأمارة يوجب حدوث المصلحة ويتدارك بها مصلحة الواقع ، فلا يلزم محذور تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة ، فهذا الدليل متوقّف على تماميّة الأمرين المذكورين ، ولا شكّ في تماميّتهما عندنا.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني قدسسره (١) أضاف أمرا ثالثا ، وهو : أنّ المحذور إنّما يتمّ في صورة انفتاح باب العلم خاصّة ، وأمّا في صورة انسداده فلا ؛ لأنّ المكلّف لا يتمكّن من استيفاء المصالح في حال انسداد باب العلم إلّا بالاحتياط التام ، وليس مبنى الشريعة على الاحتياط في جميع الأحكام ، فالمقدار الذي تصيب الأمارة للواقع يكون خيرا جاء من قبل التعبّد بالأمارة ، وإن كان مورد الإصابة أقلّ القليل ، فإنّ ذلك القليل أيضا كان يفوت لو لا التعبّد ، فلا يلزم من التعبّد إلّا الخير.
ويرد عليه : أنّه لا دليل لأن يكون مبنى الشريعة على عدم الاحتياط بعد حكم العقل بلزوم الاحتياط في مورد العلم الإجمالي ورعاية كلّ محتمل الوجوب والحرمة ، ولعلّ الشرع أيضا يؤيّد ذلك.
والجواب عن المحذور الثاني تارة يكون بلحاظ حال انفتاح باب العلم وزمان حضور الأئمّة عليهمالسلام ، واخرى بلحاظ حال الانسداد.
أمّا بلحاظ حال الانفتاح فلا شكّ في أنّ السؤال من الأئمّة عليهمالسلام وإن كان أمرا ممكنا حسب الفرض إلّا أنّ إلزام جميع الناس بالعمل بالعلم وسؤالهم صلىاللهعليهوآله مباشرة لا يمكن عادة مع تفرّق الشيعة في أطراف العالم والبلاد البعيدة وتسلّط الطواغيت وحكّام الجور ، وهذا الأمر لا يمكن في زماننا هذا أيضا مع كثرة
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٩٠.