ويرد عليه : أنّ المنافاة لا ترتفع بهذا الحلّ ـ كما مرّ منّا مرارا ـ فإنّ الترخيص في ترك الركوع بمقتضى قوله عليهالسلام : «بلى قد ركعت» مع أنّه لم يركع خارجا لا يجتمع مع تعلّق الإرادة الجدّية القطعيّة بجزئيّة الركوع للصلاة بصورة الجزئيّة المطلقة ، وأنّ تركه نسيانا أيضا يوجب بطلان الصلاة ، ففي الواقع ترك الركوع مستند إلى ترخيص الشارع وحكمه بأنّك قد ركعت ، فيعود الإشكال.
وأمّا الاصول غير المحرزة كأصالة الاحتياط والحلّ والبراءة فقال قدسسره : قد عرفت أنّ الأمر فيها مشكل ، فإنّ المجعول فيها ليس الهوهويّة والجري العملي على بقاء الواقع ، بل مجرّد البناء على أحد طرفي الشكّ من دون إلقاء الطرف الآخر والبناء على عدمه ، بل مع حفظ الشكّ يحكم على أحد طرفيه بالوضع أو الرفع ، فالحرمة المجعولة في أصالة الاحتياط ، والحلّية المجعولة في أصالة الحلّ تناقض الحلّية والحرمة الواقعيّة على تقدير تخلّف الأصل عن الواقع ، بداهة أنّ المنع عن الاقتحام في الشيء كما هو مفاد أصالة الاحتياط أو الرخصة فيه كما هو مفاد أصالة الحل ، ينافي الجواز في الأوّل والمنع في الثاني.
ثمّ قال في مقام الجواب عنه : إنّ للشكّ في الحكم الواقعي اعتبارين :
أحدهما : كونه من الحالات والطوارئ اللّاحقة للحكم الواقعي أو موضوعه كحالة العلم والظنّ ، وهو بهذا الاعتبار لا يمكن أخذه موضوعا لحكم يضاد الحكم الواقعي ؛ لانحفاظ الحكم الواقعي عنده.
ثانيهما : اعتبار كونه موجبا للحيرة في الواقع وعدم كونه موصلا إليه ومنجّزا له ، وهو بهذا الاعتبار يمكن أخذه موضوعا لما يكون متمّما للجعل ومنجّزا للواقع وموصلا إليه ، كما أنّه يمكن أخذه موضوعا لما يكون مؤمّنا عن