الواقع حسب اختلاف مراتب الملاكات النفس الأمريّة ومناطات الأحكام الشرعيّة ، فلو كانت مصلحة الواقع مهمّة في نظر الشارع كان عليه جعل المتمّم كمصلحة احترام المؤمن وحفظ نفسه ، فإنّه لمّا كان حفظ نفس المؤمن أولى بالرعاية وأهمّ في نظر الشارع من مفسدة حفظ دم الكافر اقتضى ذلك تشريع حكم ظاهري طريقي بوجوب الاحتياط في موارد الشكّ، حفظا للحمى وتحرّزا عن الوقوع في مفسدة قتل المؤمن ، وهذا الحكم الظاهري إنّما يكون في طول الحكم الواقعي ، نشأ عن أهمّية المصلحة الواقعيّة ... ولا مضادّة بينهما ، فإنّ المشتبه إن كان ممّا يجب حفظ نفسه واقعا فوجوب الاحتياط يتّحد مع الوجوب الواقعي ويكون هو هو ، وإن لم يكن المشتبه ممّا يجب حفظه فلا يجب الاحتياط لانتفاء العلّة ، وإنّما المكلّف يتخيّل وجوبه لعدم علمه بحال المشتبه.
ولا يخفى أنّ هذا الذيل من طغيان قلمه قدسسره ولا يكاد ينبغي من مثله ، فإنّ موضوع وجوب الاحتياط هو المشتبه ، سواء انكشف الواقع فيما بعد أم لا ، وموضوع وجوب الحفظ هي نفس المسلم ، وانكشاف الواقع لا يكون كاشفا عن عدم تعلّق وجوب الاحتياط على المشتبه من الشارع.
ثمّ قال قدسسره : هذا كلّه إذا كانت مصلحة الواقع تقتضي جعل المتمّم من إيجاب الاحتياط ، وإن لم تكن المصلحة الواقعيّة تقتضي ذلك ولم تكن بتلك المثابة من الأهمّية بحيث يلزم الشارع رعايتها كيفما اتّفق ، فللشارع جعل المؤمّن ، سواء كان بلسان الرفع كقولهصلىاللهعليهوآله : «رفع ما لا يعلمون» أو بلسان الوضع كقوله صلىاللهعليهوآله : «كلّ شيء لك حلال» ، فإنّ المراد من الرفع في قوله صلىاللهعليهوآله : «رفع ما لا يعلمون» ليس رفع التكليف عن موطنه حتّى يلزم التناقض ، بل رفع التكليف عمّا يستتبعه من التبعات وإيجاب الاحتياط ، فالرخصة المستفادة من قوله صلىاللهعليهوآله :