«رفع ما لا يعلمون» نظير الرخصة المستفادة من حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فكما أنّ الرخصة التي تستفاد من حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان لا تنافي الحكم الواقعي ولا تضادّه ، كذلك الرخصة التي تستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : «رفع ما لا يعلمون».
والسرّ في ذلك : هو أنّ هذه الرخصة تكون في طول الحكم الواقعي ومتأخّر رتبتها عنه ؛ لأنّ الموضوع فيها هو الشكّ في الحكم من حيث كونه موجبا للحيرة في الواقع وغير موصل إليه ولا منجّز له ، فقد لوحظ في الرخصة وجود الحكم الواقعي ، ومعه كيف يعقل أن تضادّ الحكم الواقعي؟!
وبالجملة ، الرخصة والحلّية المستفادة من حديث الرفع وأصالة الحلّ تكون في عرض المنع والحرمة المستفاد من إيجاب الاحتياط ، وقد عرفت أنّ إيجاب الاحتياط يكون في طول الواقع ومتفرّعا عليه ، فما يكون في عرضه يكون في طول الواقع أيضا ، وإلّا يكون ما في طول الشيء في عرضه. هذا تمام كلامه قدسسره بتلخيص وإيجاز.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ ما ذكره من الاعتبارين للشكّ في الحكم الواقعي ، وأنّ باعتبار كونه من الطوارئ والعوارض للحكم الواقعي لا يمكن أخذه موضوعا لحكم آخر ، وأمّا باعتبار كونه موجبا للحيرة في الواقع وعدم كونه موصلا إليه فيمكن أخذه موضوعا لما يكون متمّما أو مؤمّنا لكونه بهذا الاعتبار متأخّرا عن الحكم الواقعي ، فليس بصحيح.
فإنّ الشكّ باعتبار الأوّل أيضا متأخّر عن الحكم الواقعي ، ويشهد له التعبير بالعوارض والطوارئ ، فإنّ كلّ عارض متأخّر عن المعروض ولو بتأخّر رتبي ، فلا يصحّ التفكيك بين الاعتبارين من هذه الناحية.