الدلالة الثانية : وتسمّى بالدلالة التصديقيّة الاولى ، وهي دلالة اللفظ على كون المعنى مرادا للمتكلّم بالإرادة الاستعماليّة ، أي دلالة اللفظ على أنّ المتكلّم أراد تفهيم المعنى الموضوع له ، فاستعمله فيه.
ومعلوم أنّ هذه الدلالة ـ مضافا إلى توقّفها على ثبوت الوضع والعلم به ـ تتوقّف على إحراز كون المتكلّم في مقام تفهيم مراده وملتفتا إلى مفهوم كلامه ، وعدم نصب القرينة المتّصلة على خلاف المعنى الموضوع له ؛ إذ مع ذكر قرينة «يرمي» ـ مثلا ـ في قوله : «رأيت أسدا يرمي» لا تدلّ كلمة «أسد» على أنّ المتكلّم أراد تفهيم المعنى الحقيقي ، فيعتبر في هذه الدلالة أربعة خصوصيّات : ١ ـ الوضع. ٢ ـ العلم بالوضع. ٣ ـ كون المتكلّم في مقام التفهيم. ٤ ـ عدم اشتمال الكلام على القرينة المتّصلة.
الدلالة الثالثة : الدلالة التصديقيّة الثانية ، وهي دلالة الكلام على كون المعنى مرادا للمتكلّم بالإرادة الجدّية ، وهذه الدلالة ـ مضافا إلى توقّفها على ثبوت الخصوصيّات الأربعة المذكورة ـ تتوقّف على أمرين آخرين : أحدهما : كون المتكلّم في مقام الجدّ لا في مقام الهزل مثلا ، وثانيهما : عدم وجود قرينة منفصلة على إرادة خلاف الظاهر من الكلام ؛ لأنّها تكشف عن عدم كون المعنى مرادا للمتكلّم بالإرادة الجدّية ، ولذا قلنا في مبحث العام والخاص : إنّ الخاصّ المتّصل يمنع عن أصل انعقاد ظهور العام في العموم ، وأمّا الخاصّ المنفصل فلا يمنع من انعقاد الظهور ، إنّما يكشف عن عدم كون العموم مرادا للمتكلّم بالإرادة الجدّيّة.
الجهة الثالثة : في الخصوصيّات المعتبرة في كلمات الشارع لاستفادة الحكم الشرعي منها :
الاولى : إحراز أصل صدور الكلام من الشارع ، إمّا مباشرة وإمّا مع