ومعجزة خالدة كما مرّ أن ذكرناه ، وكما أنّ اشتمال القرآن للرموز لا يرتبط بظواهره وحجّيتها.
وأمّا الرواية الاولى فظاهرة في أنّ الاعتراض على أبي حنيفة كان لأجل ادّعائه معرفة القرآن حقّ معرفته بجميع خصوصيّاته ، فقوله عليهالسلام : «ما ورّثك الله من كتابه حرفا» يعني حرفا يحتاج إلى تعليم من الله تعالى ، لا أنّه لا يفهم من القرآن شيئا أصلا ، وهذا خارج عن محلّ البحث ، فإنّ الظواهر لا تحتاج إلى تعليم من الله تعالى ، وأمّا ما يحتاج إلى التعليم فعلمه مختصّ بالأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، كما تدلّ عليه الرواية الواردة في تفسير آية (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ)(١) : أنّا نعلم بالكتاب كلّه (٢).
وأمّا الرواية الثانية فالتوبيخ فيها إنّما هو على تصدّي قتادة لتفسير القرآن ، والأخذ بظاهر الكلام لا يعدّ تفسيرا فضلا عن التفسير بالرأي كما ذكرناه.
الدليل الرابع : إنّا نعلم إجمالا بوجود قرائن منفصلة في الروايات على خلاف ظواهر الكتاب من المخصّصات والمقيّدات والقرائن على المجاز ، أو نعلم إجمالا بوجود قرائن متّصلة لم تصل إلينا وحذفت من الكتاب ، وهذا العلم الإجمالي يمنع عن العمل بظواهره ، فالقرآن وإن كان له ظهور في حدّ ذاته ، إلّا أنّه مجمل حكما وبالعرض.
وجوابه : بلحاظ وجود قرائن منفصلة ظاهر ، فإنّ العلم الإجمالي المذكور لا يوجب سقوط ظواهر الكتاب عن الحجّية وإنّما يوجب لزوم الفحص عن المخصّص والمقيّد والقرينة على المجاز قبل العمل بها ، وإلّا لوجب الحكم بعدم
__________________
(١) النمل : ٤٠.
(٢) الكافي ١ : ٢٣٠ ، الحديث ١.