الملازمة العاديّة بين اتّفاق علماء الأعصار والأمصار ـ على اختلاف مبانيهم ـ وبين رأي المعصوم عليهالسلام ، ومن المعلوم أنّ العادة تحكم بأنّ اتّفاق المرءوسين على أمر لا ينفك عن رضا الرئيس ورأيه.
واستشكل عليه المحقّق النائيني قدسسره (١) بأنّ اتّفاق المرءوسين على أمر إن كان نشأ عن تواطئهم على ذلك كان لتوهّم الملازمة العاديّة بين إجماع المرءوسين ورضا الرئيس مجال ، وأمّا إذا وقع الاتّفاق بلا تواطؤ منهم على ذلك فهو ممّا لا يلازم عادة رضا الرئيس ، ولا يمكن دعوى الملازمة.
ولا يخفى غرابة هذا الكلام ، فإنّ إنكار الملازمة العاديّة في صورة التواطؤ أولى منه في صورة عدم التواطؤ ؛ إذ الاتّفاق مع عدم التواطؤ يكشف عن وجود ملاك وسبب في البين ، وأمّا مع التواطؤ فيحتمل أن يكون الاتّفاق ناشئا عن أمر غير ما هو الواقع.
وكان لاستاذنا السيّد المرحوم البروجردي قدسسره (٢) هنا كلام جيّد ، وهو : أنّ المسائل الفقهيّة على ثلاثة أقسام : قسم منها ما يعبّر عنها بالمسائل الفقهيّة الأصليّة كما نرى الإشارة إليها في بعض الروايات كقوله عليهالسلام : «إنّما علينا أن نلقي الاصول وعليكم التفريع».
وقسم منها : عبارة عن المسائل الفقهيّة الفرعية ، وهي ما يستنبطه الفقيه من الإطلاقات والعمومات.
وقسم منها : ما يكون مبتنيا على المسائل العقليّة ، مثل : الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة.
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ١٥٠ ـ ١٥١.
(٢) نهاية الاصول : ٥٣٤.