ثمّ قال : إنّ الملازمة العاديّة المذكورة تكون قابلة للانطباق في المسائل الفقهيّة الأصليّة فقط ، مثل : بطلان العول والتعصيب في مسألة الإرث ، فيكون اتّفاق علماء الأعصار والأمصار كاشفا عن رضا المعصوم عليهالسلام في مثل هذه المسألة ، فاتّصاف الإجماع بالحجّية يكون محدودا في هذه المحدودة ، بخلاف المسائل الفقهيّة الفرعيّة أو العقليّة ؛ إذ لم يتحقّق من المعصوم عليهالسلام في هاتين المسألتين بيان أصلا ، فكيف يستكشف من الإجماع نظره عليهالسلام؟!
وأمّا الإجماع المنقول فقد ينقل بالتواتر فهو ملحق بالإجماع المحصل ، وقد ينقل بالخبر الواحد كما إذا نقل العلّامة الحلّي قدسسره الإجماع على حكم معيّن ، وقد وقع البحث في حجّيته ، بمعنى أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد هل يكون مشمولا لأدلّة حجّية الخبر الواحد أم لا؟
ومن هنا كان المناسب تأخير هذا البحث عن مبحث حجّية الخبر الواحد لترتّبه عليه ، ولكن تعرّضنا له في المقام تبعا للعظام.
فنقول : إنّ أهمّ دليل على حجّية الخبر الواحد هو بناء العقلاء ، ومن المعلوم أنّ بناءهم لمّا كان دليلا لبّيا فلا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن منه ، والقدر المتيقّن في بنائهم على الأخذ بالخبر والعمل به فيما إذا كان مشتملا على خصوصيّتين :
الاولى : أن يكون إخبارا عن حسّ ومشاهدة ، كالإخبار عن مجيء زيد من السفر ونزول المطر ، لا إخبارا عن حدس ، إلّا أن يكون الأمر الحدسي قريبا من الحسّ كالإخبار عن سخاوة زيد وشجاعته ، وذلك لأنّ حجّية الخبر متوقّفة على ثبوت أمرين : أحدهما : عدم تعمّد الكذب ، والثاني : عدم الخطأ في النقل ، والأوّل وإن كان مدفوعا بعدالة المخبر أو وثاقته ، سواء كان الخبر عن حسّ أو عن حدس ، إلّا أنّ احتمال الخطأ في النقل فيما إذا كان عن حدس فممّا