لا دافع له ؛ إذ لم يثبت بناء من العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال الخطأ في الامور الحدسيّة ، فأصالة عدم الخطأ التي استقرّ عليها بناء العقلاء إنّما تجري في الامور الحسّية أو القريبة من الحسّ.
الثانية : أن يكون المنقول بالخبر أمرا متعارفا حسب العادة كما في الأمثلة السابقة ، وأمّا الإخبار عن الامور الغريبة غير المتعارفة فلم يحرز استقرار بنائهم على الأخذ به وإن كان عن حسّ ، بل الظاهر عدم استقرار بنائهم على ذلك ، إلّا إذا انضمّت إليه قرائن وشواهد خارجيّة تؤكّد صحّته.
فتحصّل : أنّ القدر المتيقّن هو الإخبار عن حسّ أو قريب منه عن أمر عادي متعارف ، وأمّا الإخبار عن حدس أو عن حسّ ولكن غير متعارف فلا دليل على شمول بناء العقلاء لهما.
وعلى هذا لا يشمل هذا الدليل للإجماع المنقول ، فإنّ نقل رأي المعصوم عليهالسلام في الإجماع إمّا أن يكون عن حدس وإمّا أن يكون عن حسّ غير متعارف ، وكلاهما كما ترى.
توضيح ذلك : أنّ المقصود من نقل الإجماع قد يكون نقل السبب وقد يكون نقل المسبّب ، أو السبب والمسبّب معا ، والمراد بالسبب هنا فتاوى العلماء وأقوالهم الكاشفة عن قول المعصوم عليهالسلام ، والمسبّب هو نفس قوله عليهالسلام.
أمّا نقل السبب فلا إشكال في حجّيته إذا كان نظر المنقول إليه موافقا مع نظر الناقل في ملاك الإجماع ؛ لأنّه إخبار عن حسّ وعن أمر متعارف أيضا ، فتشمله أدلّة حجّية الخبر الواحد ؛ لكونه كاشفا عن قول المعصوم عليهالسلام عند المنقول إليه ، وأمّا إذا كان المنقول جزء السبب وأقلّ من المقدار الكافي في الكشف فأيضا يكون النقل حجّة فيما إذا انضمّ إليه ما يكمل السبب من الأقوال