منها : مقبولة عمر بن حنظلة حيث ورد فيها عن الإمام الصادق عليهالسلام : «ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ حكمه إلى الله وإلى رسول الله صلىاللهعليهوآله». (١)
والاستدلال بها يتوقّف على بيان مقدّمتين :
الاولى : أنّ المراد من «المجمع عليه» ليس هو الإجماع الاصطلاحي ـ أعني اتّفاق الكلّ ـ حتّى تكون المقبولة أجنبيّة عن بحث الشهرة الفتوائيّة ، بل المراد منه هو المشهور ، وذلك بقرينة قوله عليهالسلام : «ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك».
الثانية : أنّ الذي يوصف بأنّه لا ريب فيه هو الخبر الذي عليه فتوى المشهور ، وأمّا نفس شهرة الخبر مجرّدة عن الفتوى فإنّه يورث الريب ، بل يوجب الاطمئنان بوجود خلل فيه ، وإلّا لعمل الأصحاب على طبقه.
والحاصل : أنّ اشتهار رواية بين الأصحاب بحسب الفتوى يوجب اتّصافها بأنّه لا ريب فيها ، ومن هنا يتّضح أنّ المراد بالمجمع عليه الذي لا ريب فيه هو الخبر المشهور بين الأصحاب بحسب الفتوى ، ولا شكّ أنّ ما يقابل المجمع عليه ـ أي الشاذّ النادر ـ فهو ممّا لا ريب في بطلانه بقرينة المقابلة ، فالمجمع عليه داخل في القسم الأوّل من الأقسام الثلاثة ، فيكون بيّنا رشده ، والشاذّ النادر يكون داخلا في القسم الثاني فيكون بيّنا غيّه.
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.