فلا يجوز العمل به.
وجوابه : أوّلا : أنّ ظاهر الآيات الناهية بقرينة المورد هو اختصاص النهي عن اتّباع غير العلم بالاصول الاعتقاديّة ، لا ما يعمّ الفروع الشرعيّة ، فإنّ قوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) ورد عقيب قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى * وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) ، ولكنّه ليس بصحيح ؛ إذ يستفاد من وقوع النكرة في سياق النفي أنّ طبيعة الظنّ بعيدة عن الحقّ ولا تكون طريقا إليه ، فلا أقلّ من عموميّة الآيات وعدم اختصاصها بالاصول الاعتقاديّة ، سيّما قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) ، فإنّه ورد في ذيله قوله تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) ، ولذا نرى في رواية استشهاد الإمام عليهالسلام بهذا الذيل على حرمة إطالة الجلوس في بيت الخلاء لاستماع الغناء (٢).
وثانيا : بعد تسليم عمومات الآيات الناهية للفروع لا مانع منه بعد كون ما دلّ على حجّية خبر الواحد أخصّ من تلك الآيات ، فيخصّص به عموم الآيات ، وهكذا بدليل حجّية الشهرة الفتوائيّة على فرض تماميّته.
إن قلت : إنّ لسان تلك الآيات يأبى التخصيص.
قلنا : إنّ دلالة تلك الآيات على مفادها لا تكون قطعيّة ؛ لعدم نصّها في الحرمة ، بل لها ظهور فيها ، والظاهر يفيد الظنّ لا القطع ، ودليل حجّية هذا الظنّ ما يدلّ على حجّية ظواهر الكتاب ، فلا محالة يكون هذا الدليل مخصّصا لتلك الآيات ، فنفس الاستدلال بها يكون دليلا على كونها قابلة للتخصيص ،
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٢٩٢ ، الحديث ٧٤.