كما هو واضح.
وثالثا : أنّ الأدلّة الدالّة على حجّية الخبر تقدّم على الآيات الناهية ، إمّا بنحو التخصّص ، وإمّا بنحو الورود ، وإمّا بنحو الحكومة على اختلاف فيه ، فلا بدّ من توضيح هذه العناوين من باب المقدّمة ، فنقول : إنّ التخصيص هو خروج فرد من الأفراد عن العنوان العام الشامل له بالإرادة الاستعماليّة بدليل آخر ، مثل : «لا تكرم زيدا العالم» بالنسبة إلى «أكرم كلّ عالم».
وأمّا التخصّص فهو الإرشاد والانتباه إلى خروج فرد عنه مع كونه غير شامل له بدليل آخر ، مثل : «لا تكرم زيدا» بالنسبة إلى «أكرم كلّ عالم» ، فإنّا نعلم خارجا بعدم شمول العامّ له مع قطع النظر عن الدليل الخاصّ ؛ لعدم اتّصافه بالعلم.
ومن المعلوم أنّ العلم والجهل أمران واقعيّان لا يرتبطان بالحكم والتعبّد الشرعي ، بخلاف الورود والحكومة ، فإنّهما يشتركان في أنّ عنوان الخروج والدخول يتحقّق بمساعدة التعبّد والدليل الشرعي ، أمّا في باب الورود بعد مجيء الدليل الثاني فلا يبقى موضوع للحكم السابق ، مثل : تقدّم الخبر الواحد الدال على وجوب صلاة الجمعة على حديث الرفع الذي موضوعه عدم العلم ، ومعناه رفع الحكم الذي لا يدلّ عليه الدليل المعتبر الشرعي ، فمع وجوده لا يبقى عنوان «ما لا يعلمون».
وأمّا الدليل الحاكم في باب الحكومة فيكون في مقام توضيح الدليل المحكوم وتعيين حدوده ، مثل حكومة قوله عليهالسلام : «لا شكّ لكثير الشكّ» على قوله عليهالسلام : «إذا شككت بين الثلاث والأربع فابن على الأكثر» (١) ، فيكون الدليل الحاكم
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢١٦ ، الباب ١٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.