وهمّ أن يغزوهم ، فنزلت الآية». (١)
والاستدلال بها على حجّية خبر الواحد العادل من وجهين :
الأوّل : الاستدلال بمفهوم الوصف ، ببيان أنّه علّق وجوب التبيّن على كون المخبر متّصفا بصفة الفسق ، فينتفي بانتفائها ؛ إذ لو كان التبيّن واجبا على كلا التقديرين ـ أي مجيء الفاسق بالنبإ ومجيء العادل به ـ لكان تعليق الحكم على وصف الفسق في الجائي بالنبإ لغوا ، فتدلّ الآية الكريمة من جهة مفهوم الوصف على عدم وجوب التبيّن على تقدير مجيء العادل بالنبإ ، وهذا هو معنى الحجّية.
وفيه : أنّ دلالة الآية على ذلك مبنيّة على ثبوت المفهوم للوصف ، وهو غير ثابت ؛ إذ لا مفهوم للقضيّة الوصفيّة مطلقا ، سواء كان الوصف معتمدا على موصوفه ـ كما في : «أكرم الرجل العالم» ـ أم لا ـ كما في الآية الشريفة ـ وذلك لأنّ ثبوت المفهوم لها يتوقّف على دلالة الجملة الوصفيّة المشتملة على الحكم وعلى كون الوصف علّة منحصرة بحيث يدور الحكم فيها مدار الوصف وجودا وعدما ؛ إذ بدون ذلك لا يثبت لها مفهوم ، وقد سبق في باب المفاهيم أنّه لا دلالة لها على كون الوصف علّة منحصرة للحكم ، لا بالوضع ولا بالتبادر.
إن قلت : إنّ الأصل في القيود كونها احترازيّة لا توضيحيّة ولا الغالبيّة ، فيكون قيد الفاسق في الآية الشريفة للاحتراز عن غير الفاسق.
قلنا : إن كان معنى الاحترازيّة ثبوت المفهوم للجملة الوصفيّة فهو أوّل الكلام ، ونحن ننكره ، وإن كان معناها مدخليّة القيد في ثبوت الحكم فهو صحيح ولكنّه لا يستلزم كون القيد علّة منحصرة للحكم ؛ إذ يمكن مدخلية شيء آخر أيضا في الحكم ، وبدون إثبات العلّية المنحصرة لا يثبت المفهوم.
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ١٣٢.