يكون أحدهما متعلّقا بصلاة الجمعة والآخر متعلّقا بمتابعته ليترتّب على مخالفة القطع عقابان، فلا محالة يكون اللزوم هنا لزوما عقليّا ، ولا يرتبط بالشرع.
وأمّا عنوان الحجّيّة فيكون بمعنى المنجّزيّة في صورة مطابقة القطع للواقع ، والمعذّريّة في صورة مخالفته له. وقد مرّ عن صاحب الكفاية أنّ للحكم أربعة مراحل : ١ ـ الاقتضاء. ٢ ـ الإنشاء. ٣ ـ الفعليّة. ٤ ـ التنجّز. يعني استحقاق العقوبة على مخالفته ، وقلنا : إنّ التنجّز ليس من مراحل الحكم ، بل هو من آثاره ؛ بأنّ القطع إذا تعلّق بوجوب صلاة الجمعة وكانت في الواقع أيضا كذلك يحكم العقل بترتّب استحقاق العقوبة على مخالفته ، وهكذا في المعذّريّة. ولا يخفى أنّ إسناد المنجّزيّة والمعذّريّة إلى القطع لا يخلو عن مسامحة وتجوّز ، فإنّ بحسب الواقع إيصال التكليف إلى المكلّف وعدم إيصاله إليه يكون منجّزا ومعذّرا.
وأمّا عنوان كاشفيّة القطع عن الواقع وطريقيّته إليه فهو كما يستفاد من ظاهر كلام صاحب الكفاية قدسسره وصريح كلام النائيني قدسسره (١) يكون من لوازم ذات القطع كزوجيّة الأربعة ، فكما أنّ الزوجيّة تكون من لازم ماهيّة الأربعة كذلك الكاشفيّة والطريقيّة تكون من لازم ماهيّة القطع ، ولا يمكن الانفكاك بينهما ، ولا يكون ذلك بجعل جاعل ؛ لعدم إمكان الجعل التكويني التأليفي حقيقة بين الشيء ولوازمه ، فإنّه يتصوّر في المحمولات المفارقة ، كالقائم والعادل المحمولين على زيد ـ مثلا ـ وأمّا جعل اللازم فيكون بالعرض والمجاز ، وبتبع جعل الشيء الملزوم بسيطا ، أي إيجاده بمفاد «كان» التامّة لا بمفاد «كان» الناقصة.
والتحقيق : أنّ الكاشفيّة والطريقيّة لا تكون لازم ماهيّة القطع ، فإنّا نرى
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٦.