التواتر الإجمالي في موارد لا يتحقّق القدر الجامع أصلا ، كما إذا دلّت عدّة روايات على أنّ دفن الكافر حرام ، وعدّة اخرى على أنّ صلاة الجمعة واجبة ، ونعلم إجمالا بصدور بعضها عن المعصوم ، ولكن لا نعلم أنّه في العدّة الدالّة على الوجوب أو في العدّة الدالّة على الحرمة ، وأثر التواتر الإجمالي هو الاحتياط في كلا الموردين ، وإن لم يتحقّق التواتر الإجمالي يكون المرجع أصالة البراءة في كليهما كما لا يخفى ، واعترف به في كتاب فوائد الاصول.
نعم ، إن كان التواتر الإجمالي في الأخبار الدالّة على وجوب شيء واحد وحرمته يكون المرجع أصالة التخيير ، ولا يترتّب عليه أثر.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ هذه الأخبار من الطوائف الأربعة لا تكون متواترة لفظا ولا معنى إن كان المقصود منه اتّحاد المعنى سعة وضيقا وإن كان المقصود منه تحقّق القدر الجامع ، وإن كانت الأخبار مختلفة من حيث السعة والضيق فلا يبعد القول بتواترها معنى ، وأمّا تواترها إجمالا فلا يكون قابلا للإنكار. وعلى كلا التقديرين لا بدّ من الاكتفاء بالقدر المتيقّن ممّا تدلّ عليه الأخبار بالألفاظ المختلفة ، والالتزام بحجّية ما هو أخصّ مضمونا منها.
ثمّ اختلف العلماء فيما هو الأخصّ مضمونا منها.
قال المحقّق النائيني قدسسره (١) : إنّ أخصّ تلك الأخبار مضمونا هو الأخبار الدالّة على جواز العمل بخبر الثقة.
وفيه : أنّ مفاد هذه الأخبار مختلف ، فإنّ ظاهر بعضها كفاية مجرّد الوثاقة في الراوي ، كما هو الظاهر من قوله عليهالسلام : «نعم» ، بعد قول السائل : أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ (٢) وظاهر بعضها اعتبار كونه مع ذلك إماميّا ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١١٣ ـ ١١٤.
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٤٧ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٣.