عن المعلوم بالذات.
وما يمكن أن يكون عين القطع هي الصورة الحاضرة عند النفس ؛ إذ يصحّ أن يقول : بأنّه لا يتحقّق في النفس شيئان : أحدهما القطع والآخر المعلوم بالذات ، وعلى هذا تكون كاشفيّة القطع كاشفيّة كاملة وطريقيّته طريقيّة تامّة ؛ لعدم الانفكاك بينهما أصلا بلا فرق بين صورة الإصابة والخطأ.
وقد عرفت أنّ حجّيّة القطع تكون بمعنى المنجّزيّة والمعذّريّة ، والجامع بينهما صحّة الاحتجاج به إمّا من العبد في مقابل المولى ، وإمّا من المولى في مقابل العبد. ولا يخفى أنّ الحجّيّة لا ترتبط بماهيّة القطع ومعناه ، أي أنّه إدراك لا شكّ فيه ، لا بوجوده الذهني وتصوّره ، بل يرتبط بوجوده الواقعي ، أي الصفة النفسانيّة التي نسمّيها بالقطع وما يكون معروضا للحجّيّة هو وجوده الواقعي فقط ، ولا يكون قابلا للمقايسة من حيث الرتبة مع الكاشفيّة التي تكون من لوازم ماهيّته.
ومن المعلوم أنّ حجّيّة القطع من الأحكام العقليّة البديهيّة ، ولا تحتاج إلى جعل الشارع ، وإلّا يلزم اللّغوية ؛ إذ لا يترتّب عليه أثر بعد حكم العقل بحجّيّته بالبداهة ، ولا يمكن جعل الحجّيّة له من الشارع ولو بنحو الإمضاء نظير جعلها لخبر الواحد ، فإنّ دأب الشارع لا يكون إمضاء جميع ما يكون معتبرا ورائجا بين العقلاء ، فإنّا نرى في بعض الموارد تأييده منه ، وفي بعض الموارد نفيه كنفي الربا ـ مثلا ـ بخلاف الأحكام العقليّة البديهيّة ؛ إذ لا يمكن للشارع نفيها وإثباتها لاستلزام اللغويّة ، والانتهاء إلى تزلزل أساس الاعتقادات ، مثل : إثبات الصانع ووحدانيّته ، ولزوم إطاعة قوله وأمثال ذلك ممّا يترتّب عليه.
ولذا لا يصحّ القول : بأنّه لا مانع من حكم العقل والشرع معا بحجّيّة القطع ،