الواحد في صورة حصول الظنّ الشخصي بأنّ هذا فعل المعصوم أو قوله أو تقريره ، فلا يكون هذا الدليل قابلا للقبول.
الدليل الخامس ـ السيرة العقلائية :
فنقول : لا شكّ ولا شبهة في قيام السيرة العقلائيّة على العمل بخبر الثقة والاتّكال عليه في مقام الاحتجاج ، بل على ذلك يدور رحى نظامهم ومعاشهم ، ولكنّ الاستفادة من هذه السيرة في الامور الشرعيّة والتكاليف الإلهيّة تحتاج إلى تحقّق أمرين :
الأوّل : كونها مستمرّة إلى زمان رسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، ومن المعلوم أنّ نوع المسائل العقلائيّة ليس من الامور الحادثة ، ومنها العمل بخبر الثقة ، فهذه السيرة كانت مستمرّة إلى زمان المعصومين عليهمالسلام.
الأمر الثاني : عدم وقوعها أحيانا أو في الخفاء ، بل كانت من الامور المتداولة بين العقلاء وكانت بمنظر ومسمع من الشارع ، وكان متمكّنا من الردع عنها على فرض مخالفته لها ، وهذا أيضا ممّا لا شكّ فيه ، ومع ذلك لم ينقل عنه الردع ، وهذا يكشف كشفا قطعيّا عن رضا الشارع وموافقته له.
ولا يصحّ القول بكون الآيات الناهية عن اتّباع غير العلم رادعا من الشارع عن السيرة ؛ إذ لا بدّ من كون الردع عن مثل هذه المسألة المتداولة بين العقلاء دليلا خاصّا وصريحا ، ولا يصحّ الاكتفاء بدليل عامّ ، كما أنّه لا يصحّ ردع القياس والربا ـ مثلا ـ بمثل ذلك ، بل يحتاج إلى قوله عليهالسلام : «السنّة لو قيست محق الدين» ، (١) وقوله تعالى : (وَحَرَّمَ الرِّبا)(٢) ، كذلك لا يصحّ ردع العمل
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٤١ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٠.
(٢) البقرة : ٢٧٥.