بخبر الثقة بمثل عموم الآيات الناهية.
فيكفي في استكشاف رضا الشارع وإمضاءه للسيرة العقلائيّة عدم الردع مع التمكّن منه ، ولا يلزم التصريح بالإمضاء والرضا مع تحقّق الشواهد والقرائن لإمضاء المعصومينعليهمالسلام.
منها : اهتمام الأئمّة عليهمالسلام بنقل الرواة وأمرهم بالسؤال عمّا لا يكون مورد ابتلائهم كثيرا ما بداعي نقل ما يسمعون عنهم للغائبين وضبطه في الجوامع الروائيّة ، فلو لم يكن خبر الواحد حجّة لكان هذا الاهتمام لغوا ، بل هذا يكون إمضاء عملي للسيرة العقلائيّة عنهمعليهمالسلام.
ومنها : الروايات الواردة في مباحثة بعض أئمّتنا عليهمالسلام مع بعض علماء العامّة ، كما قال الصادق عليهالسلام لأبي حنيفة : «أنت فقيه العراق؟» قال : نعم ، قال : «فبم تفتيهم؟» قال : بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله (١).
وقال بعضهم في جواب الإمام عليهالسلام : بما بلغني عن رسول الله صلىاللهعليهوآله. ولا نرى في أيّ مورد مخالفة الأئمّة عليهمالسلام مع السيرة العقلائيّة وردعهم عنها بأنّ ما بلغنا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بخبر الواحد ليس بحجّة ، بل سكت الإمام عليهالسلام عن هذه الناحية ، وقال لأبي حنيفة : «تعرف كتاب الله حقّ معرفته؟» وهذا أقوى شاهد على تأييد بناء العقلاء على العمل بخبر الواحد.
ومنها : ما ورد من الأخبار في جواز العمل بخبر الواحد من الطوائف الأربعة ، فإنّها إمضاء لما عليه العقلاء من العمل بخبر الثقة ، وظاهرها أنّ حجّية خبر الثقة كان أمرا مركوزا ومفروغا عنه في الأذهان ، كما يرشدنا قوله عليهالسلام : «نعم» ، بعد قول السائل : أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٤٧ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٧.