فيكون الدليل لحجّية خبر الواحد بناء العقلاء المؤيّد من المعصومين عليهمالسلام في محيط الشرع والتكاليف الإلهيّة.
ولا يخفى أنّ المقصود من الثقة كون الراوي ثقة عند أهل الخبرة والمطّلعين لا كونه ثقة عند مخبر له ، ولا يلزم أن يكون مخبر له عالما بوثاقته. نعم ، في صورة العلم بعدم وثاقته لا أثر لخبر من يكون ثقة عند أهل الخبرة.
ومعلوم أنّ توثيق أهل الخبرة قد يكون توثيقا شخصيّا كقولهم بأنّ السكوني ثقة ـ مثلا ـ وقد يكون توثيقا عامّا كقول محمّد بن قولويه في مقدّمة كتاب كامل الزيارات : «إنّ كلّ من وقع في أسناد الروايات التي ذكرناها في هذا الكتاب يكون من ثقات أصحابنا» ، وهكذا قول عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره.
ولكنّ اعتبار توثيق العامّ محدود بصورة عدم قدح الخاصّ في مقابله ، ومن المعلوم أنّ خبر الثقة في الموضوعات لا يكون حجّة عند الشارع ؛ لردعه عن العمل به فيها بجعل البيّنة حجّة فيها ، ومعناه عدم اعتبار خبر الثقة فيها ، وإلّا يكون اعتبار التعدّد والعدالة لغوا ، فخبر الواحد ليس بحجّة في الموضوعات الخارجيّة ، بل المرجع فيها هو البيّنة أو الاستصحاب أو قول صاحب البيت أو ذي اليد.
ثمّ استدلّ في المقام على حجيّته مطلق الظنّ بأدلّة ، منها : دليل الانسداد وكانت له مقدّمات ، والأهمّ منها انسداد باب العلم والعلمي بالنسبة إلى التكاليف الإلهيّة ، وتماميّة هذه المقدّمة متوقّف على القول بعدم حجّية خبر الواحد ، فيكون دليل الانسداد بعد إثبات حجّيته مسألة فرضيّة ، فلا داعي إلى بحثه.