«صلّ في هذه الساعة» و «لا تصلّ فيها» ، أي تحريم طبيعة واحدة ووجوبها بالنسبة إلى شخص واحد ، مع أنّه مستحيل بالبداهة.
قلنا : إنّ منشأ الاستحالة هنا اجتماع الحبّ والبغض ، وهما أمران تكوينيّان ومن مبادئ البعث والزجر الاعتباري ، فإنّ البعث الاعتباري ناش عن حبّ المولى بتحقّق المأمور به في الخارج ، كما أنّ الزجر الاعتباري ناش عن بعضه بتحقّقه فيه ، ولا يعقل أن يكون شيء واحد في آن واحد محبوبا ومبغوضا له.
وأشكل استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) على ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره بأنّ هذا الاجتماع نظير اجتماع الحكم الواقعي والظاهري في مورد الشكّ إذا كان مشكوك الطهارة بحسب الواقع نجسا ، فإنّه طاهر بمقتضى قاعدة الطهارة ونجس بحسب الحكم الأوّلي ، فلما ذا لا تتحقّق هنا مسألة اجتماع الضدّين؟ ففيما نحن فيه أيضا يمكن أن تكون المسألة بهذه الكيفيّة ، بأن يقول الشارع : «إذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة لا تكون صلاة الجمعة عليك واجبة» بدون تحقّق التضادّ أصلا.
نعم ، يكون جعل الحكم الظاهري امتنانا وتسهيلا على المكلّف الشاكّ بدون استلزام اللغوية ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ قول الشارع بعدم وجوب صلاة الجمعة على القاطع به لغو ، وصدوره قبيح عن الحكيم ، ولكنّ اللّغويّة مسألة واجتماع الضدّين مسألة اخرى ، وسيأتي تفصيل هذا الكلام إن شاء الله.
وقد مرّ في مسألة كاشفيّة القطع أنّه بالنسبة إلى المعلوم بالعرض قد يكون مصيبا وكاشفا عنه ، وقد لا يكون كذلك ، فبالنسبة إلى المعلوم بالعرض تكون كاشفيّته تامّة ، وعرفت القول بعينيّة القطع مع المعلوم بالذات ، وعلى هذا
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٨.