منتزعا من الأحكام التكليفيّة ، فلو فرض أنّه أمكن أن يقع المسبّب عن إكراه ونحوه كان للتمسّك بحديث الرفع مجال ، فينزّل المسبّب منزلة العدم وكأنّه لم يقع ، ويلزمه عدم ترتيب الآثار المترتّبة على المسبّب من حلّيّة الأكل وجواز التصرّف في باب العقود والإيقاعات.
وأمّا القسم الثاني فهو ممّا لا تناله يد الوضع والرفع التشريعي ؛ لأنّه من الامور التكوينيّة ، وهي تدور مدار وجودها التكويني متى تحقّقت ووجدت لا تقبل الرفع التشريعي ، بل رفعها لا بدّ وأن يكون من سنخ وضعها تكوينا.
نعم ، يصحّ أن يتعلّق الرفع التشريعي بها بلحاظ ما رتّب عليها من الآثار الشرعيّة.
ولا يتوهّم أنّ لازم ذلك عدم وجوب الغسل على من اكره على الجنابة ، أو عدم وجوب التطهير على من أكره على النجاسة ، بدعوى أنّ الجنابة المكره عليها وإن لم تقبل الرفع التشريعي إلّا أنّها باعتبار ما لها من الأثر ـ وهو الغسل ـ قابلة للرفع ، فإنّ الغسل والتطهير أمران وجوديّان قد أمر الشارع بهما عقيب الجنابة والنجاسة مطلقا ، من غير فرق بين الجنابة والنجاسة الاختياريّة وغير الاختياريّة.
وفيه : أوّلا : أنّ إطلاق دليل الأمر بالغسل عقيب الجنابة ، وهكذا إطلاق دليل الأمر بالتطهير عقيب النجاسة ليس مانعا عن تعلّق الرفع بهما في صورة الإكراه ؛ إذ المقصود حكومة حديث الرفع على إطلاقات الأدلّة الأوّليّة ، وهذا يعني كون الإطلاقات فيها مصحّحة للحكومة لا مانعة عنها.
وثانيا : أنّه لا بدّ أن يقال في دفع التوهّم : إنّه لا دليل على ثبوت حكم تكليفي في الشريعة من وجوب الغسل أو التطهير عقيب الجنابة والنجاسة