هو المفروض ـ حكم نفسي ناش عن ملاكه ، ولا علاقة له بالواقع المجهول.
وفيه : أوّلا : أنّ التعارض ثابت على كلا التقديرين ، أمّا بناء على الطريقيّة فواضح ، وأمّا بناء على النفسيّة فلأنّ مفاد حديث السعة هو التوسعة على الناس ورفع الضيق عنهم في ظرف الشكّ والجهل بالواقع ، ومعلوم أنّ جعل الاحتياط ولو بملاك نفسي في هذا الظرف يوجب الضيق على الناس فيتعارضان.
وثانيا : أنّه لو كان دليل الاحتياط بالوجوب النفسي رافعا لموضوع حديث السعة لكان جعل الترخيص والسعة لغوا ؛ إذ لا ينفكّ موضوعه عن موضوع الاحتياط ولو في مورد ما.
الرواية الرابعة : قوله عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (١).
فتدلّ على أنّ التكليف المجهول ممّا حجب الله علمه عن العباد فهو مرفوع وموضوع عنهم ، وهذا الحديث يعارض أدلّة الاحتياط ؛ لأنّها تدلّ على عدم رفع ما حجب الله علمه ، أي التكليف المجهول عن العباد.
وقد اورد على الاستدلال بالحديث بأنّ ظاهر إسناد الحجب إلى الله تعالى هو الأحكام التي لم يبيّنها الله تعالى أصلا ، إمّا لأجل التسهيل والتوسعة على الامّة ، أو لأجل مانع من البيان مع وجود المقتضي لها ، فلا يشمل الأحكام التي بيّنها الله تعالى ولكن خفيت على العباد لظلم الظالمين ومنع المانعين ، فيكون مفاد هذا الحديث هو مفاد قوله عليهالسلام : «اسكتوا عمّا سكت الله عنه» (٢) ويكون
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٦٣ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٣.
(٢) عوالي اللئالي ٣ : ١٦٦ ، الحديث ٦١.