بعينه» (١).
وقد استدلّ المحقّق الخراساني قدسسره (٢) بالرواية على البراءة في الشبهات الحكميّة كالشبهات الموضوعيّة ، بدعوى أنّها تدلّ على حلّيّة ما لم يعلم حرمته مطلقا ، ولو كان من جهة عدم الدليل على حرمته.
والصحيح عدم صحّة الاستدلال بها على البراءة في الشبهات الحكميّة ، فتختصّ بالشبهات الموضوعيّة ، وذلك لقرينة «بعينه» فإنّ الظاهر من الكلمة هو الاحتراز عن العلم بالحرام لا بعينه ، ولا ينطبق ذلك إلّا على الشبهة الموضوعيّة ؛ إذ لا يتصوّر العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكميّة ، فإنّه مع الشكّ في حرمة شيء وحلّيته لا علم لنا بالحرام لا بعينه.
والحاصل : أنّ الرواية تفصّل بين نوعين من العلم بالحرام : أحدهما : العلم بالحرام بعينه كالعلم بخمريّة هذا المائع ، فيجب الاجتناب حينئذ.
الثاني : العلم بالحرام لا بعينه كما إذا شككنا في أنّ المائع الخارجي خمر أو خلّ ، فإنّ الحرام ـ وهو الخمر ـ معلوم لا بعينه ، فلا يجب الاجتناب حينئذ بل هو حلال ، وهذا التعبير لا ينطبق إلّا على الشبهة الموضوعيّة كما عرفت.
نعم ، ذكر استاذنا السيّد الإمام قدسسره (٣) بأنّه يمكن منع قرينيّة كلمة «بعينه» وذلك بجعلها تأكيدا للعلم والمعرفة لا للحرام ، فيكون كناية عن وقوف المكلّف على الأحكام وقوفا علميّا لا يشوبه شكّ ، وعليه فيتمّ الاستدلال بالحديث في الشبهات الحكميّة.
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ١٧٥.
(٣) تهذيب الاصول ٢ : ١٧٥.