ولكن قد عرفت أنّ الظاهر من الكلام أنّه احتراز عن العلم بالحرام لا بعينه لا تأكيدا للمعرفة ، خصوصا مع اشتمال لفظ «بعينه» على الضمير الراجع إلى الحرام لا إلى المعرفة.
ثمّ أفاد قدسسره بأنّ الرواية بصدد جعل الترخيص في ارتكاب أطراف المعلوم بالإجمال ، فيكون وزانها وزان قوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه» ، فلا يصحّ الاستدلال بها في الشبهات البدويّة ، حكميّة كانت أو موضوعيّة.
ولا يخفى عليك الفرق الواضح بين الوزانين ، فإنّ الرواية التي نبحث فيها تشمل الشبهات البدويّة بخلاف الرواية الثانية.
الرواية السادسة : قوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (١).
والبحث في هذه الرواية من جهتين :
الاولى : في أنّها تشمل الشبهة الحكميّة في باب البراءة أم لا؟
الجهة الثانية : في أنّها بعد فرض عدم شمولها للشبهة الحكميّة هل تشمل الشبهة البدويّة الموضوعيّة ، أم تختصّ بالشبهة الموضوعيّة في أطراف العلم الإجمالي؟
والتحقيق في الجهة الاولى : أنّه لا يصحّ الاستدلال بهذه الرواية على البراءة في الشبهات الحكميّة ؛ إذ فيها قرينتان تقتضيان اختصاصها بالشبهات الموضوعيّة :
الاولى : كلمة «بعينه» وقد مرّ توضيحها في الرواية السابقة.
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٨ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١.