ولكنّ المحقّق النائيني قدسسره (١) ذكر طريقا آخر لجعل المسألة اصوليّة ، وهو أنّ الإطلاقات والعمومات نظير «لا تشرب الخمر» ـ مثلا ـ هل يشمل مقطوع الخمريّة وإن لم يكن بحسب الواقع خمرا أم لا؟ وعلى كلا التقديرين يستنبط الحكم الفقهي الفرعي.
واشكل عليه بأنّ بحث الشمول وعدمه لا يكون بحثا اصوليّا ؛ إذ البحث الاصولي فيها هو البحث عن حجّيّة العام والإطلاق وقابليّتهما للتمسّك ، وأمّا البحث عن تحقّق الإطلاق أو العموم لدليل وعدمه فلا يرتبط بالاصول ؛ إذ البحث بهذه الكيفيّة يكون بحثا فقهيّا ، كما نبحث في كتاب المكاسب بأنّ إطلاق : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) هل يشمل بيع المعاطاة أم لا؟
وجوابه : أوّلا : أنّه لا فرق بين ما نحن فيه وبحث الخطابات الشفاهيّة من حيث اختصاصها بالموجودين الحاضرين في زمان الخطاب أو الأعمّ منها والغائبين بل المعدومين ، مع أنّه لا شكّ في اصوليّة هذه المسألة ، وهكذا البحث في أنّ الكفّار مكلّفون بالفروع كما أنّهم مكلّفون بالاصول أم لا؟ وإن كان له عنوان القاعدة الفقهيّة.
وثانيا : أنّ البحث هنا كلّي لا يختصّ بخطاب معيّن ، وذكر «لا تشرب الخمر» يكون بعنوان المثال ، فإنّا نقول : إنّ متعلّق الأدلّة الواردة في باب المحرّمات مثل : «لا تشرب الخمر» و «لا تغصب» و... هل يختصّ بالعناوين الواقعيّة أو أعمّ منها ومن مقطوع الخمريّة ومقطوع الغصبيّة وإن لم يكن خمرا وغصبا بحسب الواقع؟ وهذه ليست بمسألة فقهيّة ، بل تكون مسألة اصوليّة أو قاعدة فقهيّة. هذا تقريب كلام المحقّق النائينيقدسسره.
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٣٧ ـ ٣٩.