من الشارع.
وفيه : أوّلا : أنّ أصالة الحظر ليست مسلّمة ، فإنّ جماعة ذهبوا إلى أنّ الأصل في الأشياء هو الإباحة ، فلا وجه للاستدلال بما هو محلّ الخلاف.
وثانيا : أنّ القول بجواز التصرّف مستند إلى الأدلّة المجوّزة الشرعيّة من الآيات والروايات ، مثل قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» فلا مجال لهذا التقريب من دليل العقل.
الوجه الثاني : حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل ، والمراد من الضرر هو الضرر الاخروي ـ أي العقوبة ـ لا الضرر الدنيوي ؛ إذ لا دليل على لزوم دفع الضرر الدنيوي المقطوع فضلا عن الضرر المظنون أو المحتمل ، وفي ارتكاب الشبهة التحريميّة احتمال الوقوع في الضرر ، ولا شكّ في أنّ هذه القاعدة ترفع موضوع البراءة العقليّة من قبح العقاب بلا بيان ، فإنّه مع حكم العقل بوجوب الاحتفاظ على الحكم الواقعي حذرا من الوقوع في الضرر المحتمل يتمّ البيان ؛ إذ لا نقصد بالبيان خصوص البيان الشرعي ، بل الأعمّ منه ومن العقلي.
وقد اجيب عنه بإمكان العكس ، بأن تكون قاعدة قبح العقاب بلا بيان رافعة لموضوع حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ؛ إذ مع حكم العقل بقبح العقاب عند عدم وصول التكليف إلى العبد لا يبقى مجال لاحتمال الضرر ليجب دفعه بحكم العقل ، فتكون قاعدة قبح العقاب بلا بيان واردة على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.
ولكنّ التحقيق في المسألة يتوقّف على بيان أمرين :
الأوّل : أنّه لا تصادم بين القاعدتين ؛ لأنّها معا من القواعد العقليّة القطعيّة ، وهذا ممّا لا إشكال فيه ، فيمتنع أن يتحقّق التعارض بينهما ؛ إذ التعارض فيما