لم يكن القطع في البين.
الأمر الثاني : أنّ صدق الكبرى والقاعدة لا يتوقّف على وجود صغرى لها ، فإنّ لنا كبريات ليس لها صغرى أصلا ، ولكن على فرض وجود الصغرى تنطبق الكبرى عليها.
ثمّ إنّ الاحتجاج والاستدلال دائما يتمّ بتحقّق الصغرى والكبرى ؛ إذ الكبرى بما هي لا تنفع شيئا في مورد من الموارد لو لا انضمام الصغرى إليها ، وعليه فالعلم بوجوب دفع الضرر المحتمل كالعلم بقبح العقاب بلا بيان لا ينتجان إلّا إذا انضمّ إلى كلّ واحد صغراه ، فيقال في الاولى : إنّ الضرر في ارتكاب مشكوك الحرمة محتمل ، ودفع الضرر المحتمل واجب ، فينتج وجوب الاحتراز عن مشكوك الحرمة.
ويقال في الثانية : إنّ العقاب على مشكوك الحرمة بعد الفحص وعدم العثور على الحكم عقاب بلا بيان ، والعقاب بلا بيان قبيح ، فينتج أنّ العقاب على مشكوك الحرمة قبيح.
فالتعارض بين القياسين ، فإنّهما غير قابلين للجمع ، ولا محالة يكون الإشكال في أحدهما ، ولا بدّ من ملاحظة ما هو متأخّر عن الآخر.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ الصغرى في القياس الثاني وجدانيّة فعليّة وغير معلّقة على شيء ، فإنّ الذي يمارس عمليّة الاستنباط بعد الفحص الكامل في مظانّ التكليف يحرز وجدانا عدم وصول البيان من المولى في مورد الشبهة ، ومع انضمام هذه الصغرى إلى الكبرى يستنتج أنّ العقاب في مورد مشكوك الحرمة قبيح ، ومن الواضح أنّ القياس المركّب من صغرى وجدانيّة وكبرى برهانيّة ينتج نتيجة قطعيّة.