فلم يكن عصيانا كما هو واضح.
القسم الثالث : أن يكون متعلّقا بالطبيعة بنحو صرف الوجود ، ونقصد بصرف الوجود أوّل وجود الطبيعة الناقض للعدم ، لا أوّل فرد الطبيعة ، ولذا لو أتى بأفراد متعدّدة دفعة واحدة صدق عليها أوّل وجود الطبيعة.
نعم ، لو أتى بها تدريجا فإنّما يتحقّق صرف الوجود بالفرد الأوّل الناقض للعدم ، ومن هنا قالوا : إنّه لا تعدّد في صرف الوجود ، وإنّما يتحقّق بأوّل وجود الطبيعة ، سواء كان في ضمن فرد واحد أو في ضمن أفراد دفعة واحدة.
ثمّ إن كان التكليف وجوبيّا فيتحقّق الامتثال بأوّل وجود الطبيعة ، سواء كان في ضمن فرد واحد أو أفراد متعدّدة دفعة واحدة ، ويتحقّق عصيان الأمر بترك جميع أفراد الطبيعة.
وأمّا إن كان التكليف تحريميّا فامتثاله يكون بترك جميع أفراد الطبيعة ، وعصيانه يتحقّق بإيجاد أوّل وجود الطبيعة ، فيكون للنهي أيضا إطاعة ومعصية واحدة.
القسم الرابع : أن يكون متعلّقا بالطبيعة بما هي ، فإن كان التكليف وجوبيّا يحصل الامتثال بإتيان فرد من أفراد الطبيعة ؛ لأنّ وجود الطبيعي بوجود فرد منه ، وعصيانه يكون بترك جميع الأفراد ، إلّا أنّه عصيان واحد لا أكثر ، وإن كان التكليف تحريميّا فامتثاله يكون بترك جميع أفراد الطبيعة.
إذا عرفت هذا فنقول :
أمّا القسم الأوّل : فالحقّ فيه جريان البراءة ، سواء كانت الشبهة الموضوعيّة وجوبيّة أو تحريميّة ، وذلك لأنّ التكليف لمّا كان يتعدّد بتعدّد أفراد الطبيعة فلو شكّ في كون شيء مصداقا للطبيعة كان الشكّ في ثبوت الحكم للموضوع ؛ إذ لكلّ فرد من أفراد الطبيعة حكم مستقلّ في نفسه ، ومن الواضح أنّ المرجع